راتب حامد
دور رجال الدين في تثبيت الحكم
مقدمة: منذ فجر التاريخ لعبت الأديان دوراُ محورياً في تشكيل المجتمعات البشرية وتوجيه مساراتها السياسية والاجتماعية ورجال الدين بوصفهم حراساً للقيم الروحية والأخلاقية حسب زعم متبعيهم كانوا دائماً جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والسياسي للدول والمجتمعات، وفي هذا السياق يبرز دور رجال الدين في تثبيت الحكم كموضوع مثير للاهتمام والجدل حيث يمكن أن يكون تأثيرهم سلبي او ايجابي حسب المنظور الذي ننظر منه وذلك على استقرار الأنظمة المتحكمة
رجال الدين تاريخياً
ارتبط رجال الدين بالحكم في العديد من الحضارات والدول بدأً من الإمبراطورية الرومانية ثم الفارسية وتلاها بعد ذلك الحضارة الإسلامية مروراً بالإمبراطورية المغولية وباقي الدول والممالك الصغيرة فكانوا يقومون بدور الوسيط بين الحاكم والشعب ويشكلون جزأً من البنية التحتية للسلطة السياسية ، في بعض الأحيان كان رجال الدين يدعمون الحكم ويعززون من شرعيته بينما في أحيان أخرى كانوا يمثلون قوة معارضة تسعى إلى تغيير الوضع القائم ، وهذا الدور المزدوج لرجال الدين يطرح العديد من الأسئلة حول طبيعة العلاقة بين الدين والحكم وكيف يمكن أن يؤثر رجال الدين على استقرار الحكم من عدمه.
دور رجال الدين في تهدئة الثورات
نظراً للسلطة الدينية الكبيرة التي يمتلكها رجال الدين على الشعوب العربية وغير العربية فغالباً ما تحاول الحكومات التي نهضت ضدها ثورات استخدام تلك السلطة الدينية لصالحها عبر شراء ذمم، أو كسب ولاء حقيقي، أو غير حقيقي أو ابتزاز لرجال الدين من أجل استخدامهم لتهدئة تلك الثورات والأمثلة على ذلك كثيرة جدا بدأً منذ أكثر من 1950عام إلى يومنا هذا
- وقد كان من نصيب الثورة السورية التي قامت عام 2011 رؤية هكذا نماذج فرأينا وجود رجال دين قاموا بالاصطفاف خلف النظام السوري المجرم وأيدوا قتله لشعبه متحججين بذلك بحرمة الخروج على الحاكم وأمثلة على ذلك الشيخ محمد رمضان البوطي وابنه توفيق وأحمد حسون والعديد العديد من رجال الدين السوريين
وقد كثرت الخطب والمقالات التي تحدث بها الشيخ البوطي عن المتظاهرين وهاجمهم فيها وساند النظام ووصفهم بالمخربين والخارجين عن طاعة ولي الأمر وأن جباههم لا تعرف السجود والأمثلة على ذلك كثيرة
وهذا الأمر لا يقتصر على رجال الدين المسلمين فقط، بل على باقي رجال دين الطوائف الأخرى مثل الشيخ حكمت الهجري عند الدروز والبطريك يوحنا العاشر يازجي عند المسيحية الأرثوذوكس وشيخ طائفة العلويين غزال غزال
التأثير على الحريات:
في بعض الأحيان يمكن لرجال الدين أن يدعموا قوانين أو سياسات تحد من الحريات الفردية أو تعزز من الرقابة العالية فهذا يمكن أن يؤثر بين الأفراد الذين يرون في هذه السياسات تقييداً لحرياتهم الشخصية عندما تفرض قيوداً عليها وبهذا الشكل يلعب رجال الدين دوراً مهماً في قمع الحريات بكافة أشكالها مما يزيد من ثبات كرسي الحاكم
الخاتمة
في ختام المقالة يمكن أن نرى بوضوح مدى الدور المهم الذي يلعبه رجال الدين في تثبيت كرسي الحاكم سواء كان الحكم على صواب أم على خطأ ومن خلال استعراضنا للتاريخ والواقع يمكن ان نرى أهمية الحجم الكبير الذي يقدمه رجال الدين يمكن ان نرى أهمية الحجم الكبير الذي يقدمه رجال الدين للحكام سواء بثني الناس عن المطالبة بحقوقهم بحجج دينية ضعيفة او بخطاب ناعم لتوجيه الشعب نحو ما تريده الحكومة بحيث لا تصدم بشكل او بآخر مع الشعب
ومع ذلك، يجب أن نلاحظ أن هذا الدور يمكن أن يكون له تأثيرات إيجابية وسلبية على المجتمع. فمن ناحية، يمكن أن يساهم رجال الدين في تعزيز الاستقرار والوحدة الوطنية وتأمين حقوق وحريات الشعوب، ومن ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي إلى تقييد الحريات والتنوع الفكري.
وفي الختام، نأمل أن تكون هذه المقالة قد قدمت رؤية شاملة ومتوازنة حول دور رجال الدين في تثبيت الحكم، وأن تكون قد ساهمت في تعزيز الفهم والوعي بهذا الموضوع الهام.