أ.روضة تشتش
أخصائية التغذية العلاجية
السمنة اليوم ليست مجرد مشكلة في الشكل أو المظهر، بل هي مرض حقيقي يصيب الجسم والعقل معًا.
فهي لا تأتي من الأكل فقط، بل من نمط حياة غير متوازن نعيشه في عالم مليء بالطعام وقليل بالحركة.
لقد تغيّر الإنسان: لم يعد يسعى وراء طعامه، بل يجلس أمامه طول الوقت.
لماذا نصاب بالسمنة؟
الأمر بسيط في ظاهره ومعقد في داخله.
عندما نأكل أكثر مما نحرق، تتراكم الطاقة الزائدة على شكل دهون.
لكن وراء هذه المعادلة أسباب كثيرة:
الأكل السريع والمليء بالدهون.
الجلوس الطويل أمام الهاتف أو الحاسوب.
التوتر والملل اللذان يدفعاننا إلى “الأكل العاطفي”.
الوراثة والعوامل الهرمونية.
حتى البيئة المحيطة بنا أصبحت تُشجع السمنة، من الإعلانات المغرية إلى قلة الأماكن المخصصة للمشي أو الرياضة والحياة السهلة السريعة
السمنة ليست شكلاً فقط
تؤثر السمنة على كل أعضاء الجسم تقريبًا:
القلب يتعب بسبب ضخ الدم الزائد..
الكبد يمتلئ بالدهون..
المفاصل تتألم من الحمل الثقيل..
الدماغ يتأثر بهرمونات الشهية..
النفس تُصاب بالإحباط والانعزال..
لهذا يقول الأطباء إن السمنة مرض شامل، يجمع بين البيولوجيا والنفس والمجتمع..
كيف يمكن علاج السمنة أو الوقاية منها؟
العلاج يبدأ من الوعي لا من الحمية القاسية..
الحمية المتطرفة تُنقص الوزن بسرعة، لكنها تُعيده بسرعة أيضًا، وتُسبب ما يُعرف بـ “متلازمة اليويو.” (Yo-Yo Syndrome)
الأفضل هو تغيير العادات خطوة بخطوة
تناول وجبات متوازنة تشمل خضارًا وفواكه وحبوبًا كاملة..1
. تقليل السكر والدهون المشبعة.2
. شرب الماء بدل العصائر.3
. النوم الكافي، لأن قلة النوم تزيد الجوع.4
. التحرك يوميًا، ولو بالمشي 30 دقيقة.5
هل يمكن للأدوية أو الجراحة أن تحل المشكلة؟
في بعض الحالات، تُستخدم الأدوية مثل Orlistat أو Liraglutide لتقليل الشهية أو امتصاص الدهون.
وفي حالات السمنة الشديدة جدًا، تُجرى عمليات جراحية مثل تكميم المعدة.
لكن هذه الطرق لا تُغني عن تغيير نمط الحياة، لأن السمنة ستعود إن بقيت الأسباب كما هي.
الطعام ليس دائمًا جوعًا، أحيانًا يكون هروبًا من القلق أو التعب.
لهذا يحتاج المصاب بالسمنة إلى دعم نفسي، لا إلى لومٍ أو سخرية.
التشجيع من العائلة والأصدقاء يصنع فرقًا كبيرًا.
فمن يغيّر حياته يحتاج من يصدّقه ويسانده، لا من يحاسبه.
السمنة مرآة لعصر يعيش في راحة بلا وعي
لقد انتصرنا على الجوع، لكننا خسرنا التوازن
وحين نفهم أن الغذاء ليس عدوًا ولا ترفًا، بل مسؤولية نفهم المعادلة
وسنبدأ بالعيش بحياة صحية مليئة بالراحة والانسجام مع أجسادنا
المصادر
1. Akbulut, G. & Aydın, A. (2024). Klinik Beslenme-I. İstanbul Tıp Kitabevi.
2. World Health Organization (WHO). Obesity and Overweight – Fact Sheet.
3. World Obesity Federation. Global Obesity Observatory.
4. NEÜ – OBEZİTE 2025 Lecture Slides.
