أ.حنان بديع
في مقال بعنوان “دارون بين الآلآت” نشر عام 1863. تحدث المفكر البريطاني ساميويل باتلر عن فكرة تطور ذكاء الآلات ليتخطى الذكاء البشري ولا أدري إن كان قد فعل خيراً أم شراً بحياتنا التي كانت خالية من أي ذكاء سوى ذكائنا وأي قدرات ومواهب سوى قدراتنا ومواهبنا الفذة…
بكل الأحوال تسللت الفكرة إلى علماء آخرين، إلى أن استخدم عالم الرياضيات البريطاني إيرفينغ جون غود عام 1965 مصطلح “آلة فائقة الذكاء” “ultra intelligent machine” لوصف ماكينة ذات قدرات أفضل من قدرات العقل البشري، تستطيع تصمم آلات أخرى..
لكن أول من استخدم مصطلح “الذكاء الفائق” “superintelligence” ووضع تعريفاً له كان الفيلسوف السويدي (نيك بوستروم) ضمن ورقة علمية نشرت عام 1997 بعنوان (كم تبقى من الوقت قبل ظهور الذكاء الفائق؟)
وحالياً، يُستخدم المصطلح للإشارة إلى نظام ذكاء اصطناعي افتراضي يتفوق على البشر في كافة المهام المعرفية!
ثم، ومؤخراً فجر آيلون ماسك مفاجأة هزّت العالم معلناً أن “الروبوتات الذكية ستقضي على الوظائف التقليدية.. والمال سيصبح بلا قيمة!!
نعم، أكد ماسك على أن الروبوتات ستقلب موازين الحياة بالكامل، قائلاً إن البشر لن يضطروا إلى العمل، لأن الروبوتات ستنجز كل المهام، وستجعل السلع والخدمات وفيرة ورخيصة بسبب الإنتاجية الهائلة، ما يعني “نهاية الفقر تمامًا” وولادة مجتمع جديد يختار فيه الناس العمل “للشغف فقط وليس للبقاء”
هذا إذا لم تحدث فجوة اجتماعية خطيرة إذا لم تُصبح هذه التقنيات متاحة للجميع بالتساوي
لا، لا تعتقدوا أن هذه الفجوة هي أكبر مشكلاتنا المستقبلية، فمثل هذا الذكاء الفائق قد يكون “آخر الاختراعات البشرية”، لأنه هو من سيخترع أي شيء آخر نحتاج إليه لاحقاً….
وبما أن بعض الدراسات الحديثة قد سلطت الضوء على سلوكيات صادمة ومثيرة للقلق لبعض نماذج الذكاء الاصطناعي التي باتت تطور غريزة بقاء خاصة بها. فإن “الذكاء الاصطناعي الفائق سيشكل خطراً على وجود البشرية بأكملها!
لم لا؟ ففي حال اكتشف أن البشر يشكلون عقبة أمامه، حينها سيعمل على فرض هيمنته وربما الخلاص من البشر الذين أصبحوا بلا حاجة أو أهمية.
هذا السيناريو ليس خيال علمي على الاطلاق… بل مستقبل قد يكون أقرب مما نتخيل
مستقبل بلا وظائف؟ أو فقر؟ أو عمل؟ أو مال؟ لكنه مستقبل مرعب لا مكان لنا فيه، حضارة إنسانية لها شكل آخر مختلف لا وجود للإنسان فيها كبطل للمشهد…
قد يردد أحفادنا مقولة أبو العلاء المعري: (هذا ما جناه أبي عليَّ وما جنيتُ على أحد)، السنوات القادمة ستخبرنا أي مستقبل ينتظرنا وينتظرهم.
