أ.عطاف سالم
رحلتَ أيها النبي
تركتنا للحيرة والغرابة
أنا وهي
نلتقي ولا نلتقي
نتشابه ولا نتشابه
نتباصر لا نبصر
كلما رأتني تطير
وإذا رأيتها بكيت!
رحلتَ أيها النبي
تركتنا للعجمة في الوجود
للفراغ الخاشع
المحروم
للأعماق المضيئة بالتساؤلات الصماء
والجوابات الغريرة
تركتنا دون فسحة للانعتاق
من اللاحياة
أو اللاوجود
تركتنا غريبتين
صامَّتين
لا لغة بيننا
لا راحة لا اطمئنان
لا سكينة
غير ماء ألوهي يحيينا
في ساعات التقاء شفاف
مباغت
كلما قاربنا على الفناء
أو الخروج إلى دار الخلود
والبقاء
رحلتَ يانبي
غادرتنا جوهرتين بلا عينين
روحين غامضين
نسبح في فضاء القلق
تسخر منا الريح والغيوم
تمر عبرنا الطيور
تصرخ لا تعود
تركتنا بلا هواء أخضر
ولا هوية بيضاء كالمزون المتكبرة
تركتنا للفضاء
بلا عيون
للوحشة المخرمة المجهولة
دون أشرعة للسلام
والسكون
أيها النبي
هي مثلي
أنا مثلها لكنني لم أزل عالقة
عالقة هناك
في الظلام
في الغيب القدري المجهول
الذي خرجتُ منه تطير
وهي تعرف أناها
بكل أشواق الهدى
والخضرة
والنور
وكل أضواء المواقيت
والسري
والسيادة
أيها النبي
كيف أسألها الآن عني
وعنها
وعن تفاصيلنا الدقيقة
الشاعرة
الراعفة
بالظلمة الباردة
كيف أسألها الآن
عن شعائرنا المخبئة
الرقيقة
الهاربة
نحو المياه المسكونة
البعيدة
كنت أود الرحيل معها إلى حيث تكون
كنت أود الغياب حيث لا أكون
كنت
أود
أن تعلمني السبيل كيف
كيف أصبحتْ فراشة!
.
.
.
.
.
.
.
أحتاج إلى لغة الفراش
أين أنت أيها النبي
يا سليمان؟!
