أ.حنان بديع
كنتُ أعشقُ أغنيته التي لحنها لوالدته «فيروز» «سألوني الناس»، وما زلت أعتقد أنها أغنية خالدة وستبقى كذلك.
تُوفي الفنان اللبناني زياد الرحباني في 26 يوليو 2025 في أحد مُستشفيات بيروت عن عمرٍ ناهز 69 عامًا، بعد مُعاناةٍ طويلةٍ مع المرض، بعد أن ترك بصمة أعماله الموسيقية والمسرحيّة والإذاعيّة، في. ذاكرة الأجيال.
لكن ما لا يعرفه معظم عشّاق فنه وألحانه أن بدايته الفنية لم تكن في مجال الموسيقى، بل جاءت من بوابة الأدب؛ إذ كتب في سنٍ مبكّرةٍ نصوصًا شعريةً بعنوان «صديقي الله»، أنجزها عام 1967، حين كان في سن المراهقة. وقد لفتت هذه النصوص الانتباه إلى موهبة أدبية، تُبشّر بولادة شاعر مُتمكّن، لولا أن اختار لاحقًا تكريس طاقته بالكامل للموسيقى والتأليف المسرحي، أي أن زياد الرحباني كان مشروع. شاعر فذ….
إذن هو شخصية ثائرة بامتياز، لذا عُرف عنه في شبابه، أنه كان صاحب أفكار سياسية يسارية مُتمرّدة. بالإضافة إلى كونه أيضًا عازفًا موسيقيًا، تنوّعت أعماله الموسيقية بين الجاز و”الجاز الشرقي” ليصبح كل ما يؤلفه أو يُعيد توزيعه، مُصنّفًا تحت اسم “موسيقى زياد الرحباني“
لكن رغم أنه فنان موسيقي ومسرحي وساخر آتٍ من زمن الحرب وما قبلها، ومن جيل أسطوانات الكاسيت والإذاعة، فإن فكره وأعماله صمدت رغم كل هذه الفزّات الزمنية والطفرات الاجتماعيّة
شخصيته الثائرة هي التي أبقته حاضرًا بقوةٍ على مِنصات التواصل الاجتماعي بعباراته الناقدة والساخرة في آنٍ واحد، وليس غريبًا أن يتم وصفه بزياد الثائر، على إرث الأخوين الرحباني الموسيقي (عاصي ومنصور)، رغم أنه ورث عنهم موهبته الفذّة.
لكنه الثائر على أية حال، فرغم إبداعه والنجاح المُدوي لهذه الأغنيات فإنه أصرّ على الخروج من عباءة الرحابنة، واختار التجديدَ في الألحان والكلمات.
ورغم الانتقادات، فإنّه أصر على المُغامرة بإقحام فيروز في العالم الموسيقي للأجيال الجديدة، ولحّن زياد الكثير من الأنماط الموسيقية المُختلفة، كما تميّز ببساطته المُفرطة حدّ الإبداع في الأغاني الرومانسيّة الأمر الذي ميّزه عن الرحابنة فيما بعد.نعم، الفنان زياد الرحباني الذي غادرنا سيبقى حيًا لأنه فنان ثائر، والثوّار عادة لا يموتون…