أ.بدري البشيهي

مِصْرُ الكِنَانَةُ رَبُّها يَرْعَاهَا

شَمْسُ السَّلَامِ وَظِلُّهَا وَضُحَاهَا

وَعَلى ضِفَافِ الأَمْنِ مَدَّتْ كَفَّهَا          

لِلْخَائِفِينَ، فَمَا أَجَلَّ ثَرَاهَا!

فِيهِ الأَمَانُ وَفِي مَرَابعِها النَّدَى               

فِيهِا التَّجَلِّي خَالِدٌ بِرُبَاهَا!

فَالطُّورُ بَاقٍ فِيهِ آيَاتُ الهُدَى         

فَاخْلَعْ نِعَالِكَ فِي رِحَابِ عُلَاهَا

وَاسْجُدْ لِرَبِكَ شَاكِرًا آلَاءَهُ         

وَارْفَعْ جَبِينَكَ شَامِخًا بِلَوَاهَا

مِصْرِيَّتِي شَرَفٌ وَعِزٌّ مَاجِدٌ           

مِصْرَيَّتِي، وَعَقِيدَتِي بِهَوَاهَا

حُبُّ البِلَادِ فَرِيضَةٌ وَجَبَتْ وَمَا       

تَصْفُو عَقِيدَةُ مَنْ يَرُومُ أَذَاهَا

يَا مِصْرُ، حُبُّكِ فِي وَرِيدِي قَدْ جَرَى      

وَالقَلْبُ صَاحَ مِدَادُهُ: أَهْوَاهَا

يَا ِمِصْرُ، حُبُّكِ جَنَّةٌ أَحْيَا بِهَا        

وَالصَّدْرُ مَشْرُوحٌ بِحُسْنِ بَهَاهَا

والفَجْرُ يَنْشُرُ بِالسَّكِينَةِ ضَوْءَهُ     

فَيُكَلِّلُ الأَهْرَامَ تَاجُ نَدَاهَا

وَافْخَرْ بِجَيْشِكَ إِنَّ جَيْشَكَ دِرْعُهَا     

جَيْشٌ رَشِيدٌ قَاهِرٌ أَعْدَاهَا

فَالمَارِدُ المِصْرِيُّ يَخْرُجُ إِنْ رَأَى    

خَطَرًا يُهَدِّدُ مَاءَهَا وَهَوَاهَا

يَطْوِي السَّمَاءَ عَلَى جَنَاحِ عَزِيمَةٍ     

وَالبَأْسُ حَطَّمَ مَنْ دَنَا لِحِمَاهَا

وَيَذُودُ عَنْ حِصْنِ العُرُوبَةِ بَاسِلًا         

يُجْلِي البُغَاةَ فَيَسْتَرِدُّ صِبَاهَا

فهم الرِّجَالُ الصَّادِقُونَ بِعَهْدِهِمْ      

وَالرُّوحُ تَفْدِي صُبْحَهَا وَعِشَاهَا

هَذِي نُسُورُ النِّيلِ تَخْفِقُ فِي المَدَى     

وَالأُسْدُ تَحْمِي أَرْضَها وَسَمَاهَا

شَهْرُ الصِّيَامِ بِهِ المَعَامِعُ خَلَّدَتْ         

يَوْمَ العُبُورِ فَأَرْجَعَتْ سَيْنَاهَا

والنِّيلُ يَرْوِي بِالتَّوَحُّدِ شَعْبَهَا       

فَأَنَا وَمُرْقُصُ عُمْرُنَا لِفِدَاهَا

هِيَ وَاحَتِي الغَنَّاءُ يَمْلَأُ عِطْرُهَا           

صَفَحَاتُ عِزِّي وَالخُلُودُ شَذَاهَا

وَالطَّيْرُ رَدَّدَ فِي المَدَى تَسْبِيحَهُ        

سُبْحَانَ رَبِّي جَلَّ مَنْ سَوَّاهَا!

وَاليَوْمَ تَخْطُو لِلْوِفَاقِ بِعِزَّةٍ            

نَحْوَ السَّلَامِ، فَمَا أَعَزَّ خُطَاهَا!

عَامَانِ مَرَّا وَالسُّطُورُ قَرِيحَةٌ        

وَعُيُونُهَا أَغْضَتْ عَلَى أَقْذَاهَا

عَامَانِ كَالسَّبْعِ العِجَافِ وَيُوسُفٌ    

فِي السِّجْنَ أَوَّلَ بِالتُّقَى رُؤْيَاهَا

عَامَانِ وَالفَجْرُ الأَبِيُّ مُعَانِدِي           

وَاللَّيْلُ غَشَّى أَحْرُفِي وَرُؤَاهَا

قَامَتْ تُنَّادِي فَوْقَ أَهْرَامِ النَّوَى       

صَكُّوا المَسَامِعَ عَنْ طَهُورِ نِدَاهَا

غَزَلَتْ كَمَا العِقْدِ الطَّهُورِ قَصَائِدِي       

لَكِنَّ صَدْرَ المُومِسَاتِ قَلَاهَا

وَسَهِرْتُ لَيْلِي حَامِلًا أَوْزَارهَا           

وَالشْمْسُ يُرْجَمُ بِالمَسَاءِ ضِيَاهَا

كَمْ أَنَّ مَخْدُوجٌ وَصَاحَ مُهَجَّرٌ!          

كَمْ مِنْ مَشَافِي حَطَّمُوا سُكْنَاهَا!

وَكَنَائِسٍ وَمَدَارِسٍ وَمَسَاجِدٍ            

وَمَعَابِدٍ، طُغْيانُهُم أَرْدَاهَا

وَبِمِصْرَ حَقْنٌ لِلدِّمَاءِ فَإِنَّهَا           

حِضْنُ السَّلَامِ وَرَبُّهَا وَلَّاهَا

وَالأَزْهَرُ المَيْمُونُ يَحْدُو سَيْرَهَا    

بِبَصِيرَةٍ وَيَقُودُهُ مَوْلَاهَا

ثَاوٍ عَلَى عَرْشِ الفَضِيلَةِ رَاسِخًا       

وَبِغَيْرِ قَوْلِ الحَقِّ لَا مَا فَاهَا

صَوْتُ الحَقِيقَةَ لَيْسَ يَفْتِنُهُ الهَوَى      

وَعَوَاصِفُ الأَنْوَاءِ تَفْغُرُ فَاهَا

يَا مَصْرُ، يَحَفَظُكِ العَلِيُّ فَإِنَّمَا             

تِلْكَ الكِنَانَةُ رَبُّهَا أَبْقَاهَا

حِصْنًا يَلُوذُ بِهِ الأَنَامُ فَإِنَّهَا     

بِمَعِيَّةِ الرَّحْمَنِ، مَا أَغْنَاهَا!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *