د. أحمد جاد
تُشَابِهُ فِي بُزُوغٍ ضَعْفَ طِفْلٍ
فَمَا كَذِبَ الْمِهَادُ وَلَا الْمَدَارُ
مِثَالٌ فِي الْوَدَاعَةِ لَيسَ يَقْسُو
فَلَا وَهَجٌ يَلُوحُ وَلَا اقْتِدَارُ
رُوَيداً تَصْطَلِي شَيئاً فَشَيئاً
تَلَهَّبَ عَبْرَ أَذْرُعِهَا الْجِمَارُ
تَذُوبُ حَرَارَةً وَتَزِيدُ قَيظًا
بِفَيضٍ لَا يَقَرُّ لَهُ قَرَارُ
وَمَا لَبِثَتْ عَلَى بَأْسٍ وَعِزٍّ
لَهَا فِي كُلِّ مَنْزِلَةٍ شِعَارُ
فَبَعْدَ تَسَامقٍ نَكَصَتْ أُفُولًا
لِتَبْزُغَ بَعْدَ مَغْرِبِهَا الْقِمَارُ
تَضَاءَلَ وَهْجُ قُوَّتِهَا فَأَمْسَتْ
يُغَالِبُ وَجْهَ مَرْآهَا الصَّفَارُ
تَخَافَتَ ضَوؤُهَا فَغَدَا حَسِيرًا
وَلَولَا الشَّمْسُ مَا كَانَ النَّهَارُ
كَذَاكَ حَيَاتُنَا يَومٌ لِشَمْسٍ
فَمَا اخْتَلَفَ الْمَآلُ وَلَا الْمَسَارُ
غُرُوبٌ قَدْ أَثَارَ بِنَا غُرُوباً
وَكَمْ مِنْ غُرْبَةٍ فِينَا تُثَارُ
هِيَ الْأَيَّامُ وَالْأَحَدَاثُ تَتْرَى
بَأَمْرِ مُدَبِّرٍ.. كَونٌ يُدَارُ
قَضَى أَمْرًا بِأَنْ لَا شَيْءَ يَبْقَى
فَلَا يَبْقَى سُرُورٌ أَو مَرَارُ
تَزُولُ مَمَالِكٌ وَتَقُومُ أُخْرَى
فَلَا مُلْكٌ يَدُومُ وَلَا انْكِسَارُ
عَلَى قَدَرٍ وَتَقْدِيرٍ حَيَاةٌ
كَذَاكَ الْمَدُّ يَتْبَعُهُ انْحِصَارُ
فَلَا جِئْنَا إِلَيْهَا بِاخْتِيَارٍ
وَلَمْ يَكُ فِي الْرَّحِيلِ لَنَا الْخِيَارُ
فَعِشْ يَا بْنَ الرَّحِيلِ عَلَى رَحِيلٍ
كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَهْلِ الْدِّيَارُ
إِلَى ذَاكَ الْرَّحِيلِ مَشَيْتَ عُمْراً
وَمَا يُنْجَي مِنَ الْقَدَرِ الْحِذَارُ
وَمَهْمَا تَكْسُكَ الْأَيَّامُ ثَوبًا فَأَيقِنْ أَنَّ ثَوبَكَ مُسْتَعَارُ