أ. سعيد إبراهيم زعلوك
مَاذَا يُنْتَظَرُ مِنِّي؟
وَقَدْ تَخَثَّرَ الحُلْمُ فِي شَرَايِينِي،
وَانْكَسَرَ النُّورُ فِي جُفُونِي؟
مَاذَا يُرِيدُ الزَّمَنُ البَعِيدُ
مِنْ رَجُلٍ يَمْشِي حَافِيَ القَلْبِ،
يَحْمِلُ عَلَى كَتِفَيْهِ رَمَادَ أَغَانِيهِ؟
كُلُّ مَا كَانَ نَجْمًا،
صَارَ غُبَارًا فِي الذَّاكِرَةِ،
وَكُلُّ طَرِيقٍ ظَنَنْتُهُ نَجَاةً
أَعَادَنِي إِلَى الجُرْحِ الأَوَّلْ.
مَاذَا يُنْتَظَرُ مِنِّي؟
وَأَنَا أَكْتُبُ لِلْغَيْمِ رِسَالَةَ وَجَعٍ
لَا تَصِلُ إِلَى مَطَرٍ،
وَلَا تَعْرِفُ طَرِيقَ السَّمَاءِ؟
أَجْلِسُ فِي لَيْلِي،
أُصْغِي إِلَى صَمْتٍ يُفَكِّرُ بِي،
وَإِلَى نَفْسٍ تُحَاوِلُ أَنْ تَبْقَى،
رُغْمَ أَنَّهَا تَذُوبُ فِي العَدَمْ
مَاذَا يُنْتَظَرُ مِنِّي؟
قَلْبِي تَعِبٌ مِنَ الانْتِظَارِ،
وَالأَيَّامُ تَمْضِي دُونَ أَنْ تُجِيبَ
عَلَى سُؤَالٍ وَاحِدٍ:
هَلْ كُنْتُ أَنَا… أَمْ كُنْتُ صَدَى مَنْ كَانْ؟
وَمَعَ ذَلِكَ….
ثَمَّةَ شُعَاعٌ خَافِتٌ فِي آخِرِ الرُّوحِ،
يُنَادِينِي كَطِفْلٍ تَائِهٍ فِي المَدَى،
يَقُولُ لِي:
لَا تَخَفْ، فَمَا انْطَفَأَ الحُلْمُ كُلِّيًّا،
وَمَا انْكَسَرَ النُّورُ تَمَامًا.
مَا زَالَ فِي الزَّهْرِ عِطْرٌ يَنْتَظِرُ مَنْ يَمُرُّ،
وَفِي الغَيْمِ مَطَرٌ يَخْتَبِئُ خَلْفَ الصَّبْرِ،
وَفِيكَ… أَنْتَ،
قَلْبٌ يُرِيدُ أَنْ يَعِيشَ،
وَلَوْ عَلَى ضَوْءِ شَمْعَةٍ تُقَاوِمُ الرِّيحْ
فَلَا تَسْأَلْ كَثِيرًا: مَاذَا يُنْتَظَرُ مِنِّي؟
فَرُبَّمَا أَنْتَ الانْتِظَارُ نَفْسُهُ،
وَأَنْتَ الإِجَابَةُ الَّتِي غَابَتْ،
وَهَا هِيَ تَعُودُ….
حِينَ تَنْهَضُ لِتَكْتُبَ مِنْ جَدِيد…..ْ
