أ.عراب القصيدة
الحب كالقهوة، لا يُرتشف على مهل، ولا يُحتسى باردًا. هو ذاك المذاق الأول، حين يلامس طرف اللسان فيرتجف القلب، وتضطرب الحواس، ويستيقظ الحنين في العروق.
الحب كالقهوة لا يمكن تذوقه إلا ساخناً؛ تمامًا كما يُولد من حرارة النظرة الأولى، من ارتباك الكلمة حين تُقال، من رعشة الأصابع حين تلتقي يدًا أخرى لا تزال غريبة لكنك تراها موطنًا.
هو قهوة الصباح الأولى، تُعدّها بيدين مرتجفتين من الشوق، وتقدّمها بعينين متعبتين من السهر. الحب لا يُقدَّم بارداً، لا يُؤجَّل كرسالة منسية في درج، ولا يُنتظر حتى تهدأ النيران. إن بردَ، خمدت معه الحياة.
حين يبرد الحب، تمامًا كفنجان مهمل على طاولة خشبية، تفقد الأشياء معناها. تموت الكلمات بين شفاه صامتة، ويصبح العناق واجبًا، والقبلة عادة، والحنين عبئًا لا يُقال.
أول رشفة من القهوة تشبه أول “أحبك” صادقة، تُطلق من صدر مملوء بالحياة. أما إن تأخرنا في البوح، إن تركنا الفنجان طويلاً على الرف، فإنّ مرارته تطغى، وطعمه يخون ذاك الحنين الأول.
فلا تؤجّل الحب، لا تنتظر أن تختمر الظروف كما تنتظر القهوة أن تُصفّى. أحبه الآن، كأنك ترتشف قهوتك في شتاء قارس… بشغف، برعشة أصابع، وبقلب لا يخشى الاحتراق.