محمد الراوي
البقرة الحمراء والهيكل الثالث
في العقيدة اليهودية، تحتل البقرة الحمراء أو بارا أدوما مكانة خاصة، إذ يُنظر إليها باعتبارها الجسر بين الحياة والموت، وبين الطهارة والنجاسة.
يعتقد اليهود أن حرق هذه البقرة واستخدام رمادها في طقوس التطهير هو السبيل الوحيد للتخلّص من “نجاسة الموتى”. وقد نُفّذت هذه الطقوس – بحسب الموروث الديني – تسع مرّات فقط، وكان آخرها قبل نحو ألفي عام.
البقرة العاشرة.. إشارة “إلهية”
يرتبط الحديث عن البقرة العاشرة بمعتقدات نهاية الزمان، إذ يعتبرها بعض الحاخامات علامة تمهّد لبناء الهيكل الثالث والدخول إلى ما يسمونه “جبل الهيكل” – أي المسجد الأقصى.
هذا التفسير الديني ينعكس بشكل مباشر على السياسة الإسرائيلية، خصوصاً في ظلّ الحرب الأخيرة على غزة، ومساعي توسيع دائرة الصراع إلى دول الجوار.
نتنياهو: “مهمة تاريخية”
منذ الأيام الأولى للحرب، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوضوح البعد الديني للصراع، قائلاً:
«أشعر أنني في مهمة تاريخية وروحانية، وأنا مرتبط جداً برؤية إسرائيل الكبرى التي تشمل فلسطين والأردن وسورية ولبنان ومصر».
بين النبوءات والسياسة
يعتقد بعض علماء بني إسرائيل أن ظهور البقرة الحمراء العاشرة وبناء الهيكل الثالث مرتبطان بسلسلة الفتن الكبرى ونبوءات نهاية الزمان، بما في ذلك ظهور المسيح الدجال.
لكن عملياً، يتحوّل هذا الاعتقاد إلى ذريعة سياسية لتبرير خطوات إسرائيل الميدانية ومحاولة كسب الرأي العام الخارجي تحت غطاء ديني.
الدين والسياسة.. وجهان لعملة واحدة
التاريخ يثبت أن كثيراً من الحروب الكبرى اندلعت تحت شعارات دينية، لكن أهدافها الحقيقية كانت سياسية.
وهكذا، يبقى الدين والسياسة خطّين يتقاطعان باستمرار، يشكّلان معاً محرّكاً أساسياً لأحداث تغيّر موازين القوى في المنطقة والعالم.
قراءة مستقبلية: ما الذي يعنيه ذلك للمنطقة العربية؟
الربط بين ظهور البقرة الحمراء ومخططات بناء الهيكل الثالث ليس مجرد معتقد ديني منعزل، بل أصبح ورقة سياسية تُستَخدم لتبرير خطوات توسعية وخطيرة في المنطقة.
هذا التداخل بين الدين والسياسة يشير إلى أن المرحلة المقبلة قد تشهد مزيداً من التصعيد، ليس فقط في غزة، بل ربما في دول الجوار أيضاً.
بالنسبة للعالم العربي، فإن إدراك خطورة هذا البُعد الديني-السياسي ضروري لفهم مسار الأحداث. فالصراع لم يعد مجرد نزاع حدودي أو عسكري، بل بات مرتبطاً بنبوءات وأساطير تُترجم عملياً إلى سياسات على الأرض.
إن مواجهة هذه المخططات تتطلب وعياً استراتيجياً، وإعلاماً قادراً على كشف حقيقة هذا التلاعب بالدين، كي لا تتحول المنطقة إلى ساحة صراع مفتوحة تحت شعارات “مقدسة”، بينما الهدف الحقيقي هو الهيمنة السياسية والتوسع الجغرافي