أحمد الشيخ
يُعدّ الشباب الركيزة الأساسية لأي مشروع وطني طموح، فهم الطاقة المتجددة التي تملك القدرة على التغيير والبناء، غير أنّ هذه الطاقة تحتاج إلى أطر تنظيميّة تحتضنها وتوجّهها نحو المسارات الصحيحة. ومن هنا تنبع أهمية التنظيمات الشبابية والطلابية والنقابية والأهلية، بوصفها منصات عملية لتأهيل جيلٍ قادرٍ على تحمّل المسؤوليات الوطنية.
أولًا، تسهم التنظيمات في بناء الوعي الوطني والسياسي من خلال النقاشات والحوارات الداخلية، وتعريف الشباب بالقضايا الوطنية والتحديات المجتمعية، الأمر الذي يعزز قدرتهم على فهم مصالح وطنهم والبحث عن آليات واقعية للدفاع عنها. إن الوعي هو الشرارة الأولى لكل فعل وطني، والتنظيمات هنا تلعب دور المدرسة الأولى في تكوينه وصيانته.
ثانيًا، توفّر هذه الأطر مساحة لتطوير مهارات القيادة والعمل الجماعي، إذ يشارك الشباب في إدارة الأنشطة واتخاذ القرارات وتنفيذ البرامج، ما يصقل فيهم قيم المسؤولية والانضباط وروح الفريق، وهي صفات لا غنى عنها في أي عمل وطني ناجح.
ثالثًا، تمنح التنظيمات للشباب فرصة للتدرب على العمل المؤسسي القائم على التخطيط، وإدارة الوقت، وتوزيع المهام، ومراقبة الأداء. وبذلك يتحول النشاط الفردي إلى جهد منظم ومنهجي يضمن الاستمرارية والفاعلية.
رابعًا، تعزز التنظيمات قيم الانتماء والتضامن المجتمعي من خلال العمل المشترك وتبادل الخبرات، ما يرسخ الهوية الوطنية الجامعة، ويجعل الشباب أكثر قدرة على تجاوز الخلافات الثانوية خدمةً للمصلحة العليا.
خامسًا، تشكل هذه التنظيمات مدرسةً لتعليم مهارات الحوار والتفاوض، سواء داخلها أو في تواصلها مع أطراف أخرى، وهو ما يمكّن الشباب من خوض الحياة العامة بثقة واقتدار، والمشاركة الفاعلة في صياغة القرارات والسياسات الوطنية.
وأخيرًا، تُعدّ التنظيمات فضاءً رحبًا لاحتضان الإبداع والمبادرات الشبابية، حيث يجد الشباب فيها الدعم والتشجيع لتحويل أفكارهم إلى مشاريع واقعية تلامس احتياجات المجتمع.
خلاصة القول، إن التنظيمات ليست مجرد هياكل شكلية، بل هي مدارس عملية لتكوين جيل وطني مسؤول، قادر على توظيف طاقاته لخدمة الوطن وصون مستقبله. ومن هنا، فإن دعم هذه التنظيمات وتطويرها يمثل استثمارًا استراتيجيًا في الإنسان، وضمانةً لنهضة المجتمع والدولة على السواء.