د . محمد جمال الفاعوري / اكاديمي سوري ومعارض سياسي سابق
الانتقال السياسي هو عملية التحول من نظام حكم إلى آخر، وغالباً ما يتضمن التحول من نظام حكم استبدادي قمعي الى نظام تعددي ديمقراطي يحقق طموحات الشعب .
ويهدف الانتقال السياسي إلى إقامة نظام سياسي يعتمد على سيادة الشعب وحكم القانون ، ، والتعددية السياسية ، والحريات الأساسية ، والمبنية على اصلاحات دستورية وقانونية من خلال تعديل الانظمة والقوانين في اطار دولة ترعى الحريات الاساسية وحقوق الانسان ؟ وتشكيل هيئات حكم انتقالي تتضمن تشكيل هيئات ادارية مؤقته لادارة المرحلة الانتقالية وللاشراف على عملية التحول السياسي ، وصولاً الى اجراء انتخابات نزيهة وشفافة تضمن مشاركة جميع ابناء الوطن في اختيار ممثليهم للبرلمان والهيئات المهنية .. لابد لهذ الانتقال ان يراعي المصالحة الوطنية بين مكونات المجتمع لانهاء الصراعات الداخلية وحالات الاستقطاب الداخلية والخارجية .. ؟
في سورية ، يشير الانتقال السياسي إلى العديد من التحديات والمراحل التي تمر بها البلاد للخروج من الأزمة الراهنة والتوجه نحو مستقبل سياسي جديد ، إذ تعيش سورية أزمة سياسية وعسكرية وإنسانية مستمرة منذ عام 2011 .
اما في المرحلة الحالية يمثل الانتقال السياسي في سوريا عملية معقدة وصعبة ، تتطلب جهودًا كبيرة من جميع الأطراف لتحقيق الاستقرار والسلام والتحول إلى نظام ديمقراطي مستدام ، نظرًا لحساسية الوضع الراهن وأهمية تحليل التحديات خاصة في ظل التداعيات الإقليمية والدولية التي تؤثر على مستقبل سورية ، التي تعد دولة من الدول المحورية في المنطقة وأن تحولاتها تؤثر في شكل المنطقة ككل ..
إذ تتطلب المرحلة الانتقالية توافقًا وطنيًا واسعًا يضمن إشراك كافة القوى السياسية والاجتماعية على اساس الانتماء الوطني القائم على الحوار ..
تحديات الانتقال السياسي في سورية :

  • دولة منهارة لا تمتلك مقومات الدولة من مصادر وموارد سلبت من قبل النظام البائد ، الى جانب بنية تحية متهالكة ومدمرة بحاجة الى اعادة تأهيل والغالب منها بحاجة الى اعادة بناء وتأسيس : شبكات المياه ، والكهرباء والصرف الصحي ، والطرق ، والقطاع الصحي ، والتعليمي ..
  • وجود بعض البؤر التي تتربص بالدولة الفتية للحصول على اطماع ومكاسب اكثر مما تستحق ووضع العربة امام الحصان ، والبعض منها تسعى الى الانفصال والاستقواء ببعض القوى الخارجية التي تسعى الى الابقاء على سورية ضعيفة لتحقيق اطماعها ومخططاتها ومصالحها .. مما يعيق ذلك جهود تحقيق الاستقرار والانتقال الى المراحل الاخرى من الانتقال السياسي .. وقام البعض منها بممارسة العنف ومحاولة النيل من هيبة الدولة وخلق حالة من عدم الامان لتحقيق غاياتها غير المشروعة بدعم من تدخلات إقليمية ودولية ، مما عقد عملية الانتقال وزاد من تعقيد المشهد السياسي
  • علاقات عربية واقليمية متوترة بحاجة الى اعادتها الى حالة من التنسيق والتعاون ..
  • خضوع سوريا الى عقوبات اقتصادية من عدة دول وكيانات دولية منذ سنوات نتيجة لممارسات النظام البائد بحاجة الى رفعها لتعود سوريا الى دولة فاعلة وقادرة على اعادة البناء والاستقرار وتوفير متطلبات العيش الكريم للمواطنين ..
  • آفاق الانتقال
    يجب ان يرتكز مفتاح الحل على مبدأ الحوار بين السوريين وتحقيق انتقال سياسي سلمي ، وهذا يتطلب جهودًا كبيرة للمصالحة الوطنية وإنهاء الانقسامات ، وهذا ما قامت به السلطة الانتقالية منذ الايام الاولى لتولي مقاليد السلطة وتواصل الرئاسة الانتقالية مع جميع المكونات واجراء العديد من جلسات الحوار مع كل مكونات المجتمع السوري ، الامر الذي اسيء فهمه من قبل البعض على انه حالة ضعف من قبل الدولة ..؟ وبدءت العمل على تشكيل فصائل مسلحة للضغط على السلطة للخضوع لمطالبها …؟
    وتتطلب عملية الانتقال السياسي في سورية اعادة بناء مؤسسات الدولة واعادة هيكلتها على اسس وطنية وشفافة تحترم حقوق الإنسان وسيادة القانون ..
    فضلاً عن التحديات الاقتصادية والاجتماعية والتي لا تقل أهمية عن التحديات السياسية ، بل إنها تشكل في كثير من الأحيان أساس الاستقرار أو عدمه في البلاد ليست فقط نتيجة للحرب ، بل تعود أيضًا إلى سنوات من الفساد وسوء الإدارة الاقتصادية ، مما أدى إلى انهيار القطاعات الإنتاجية والخدمية وتفاقم الأوضاع المعيشية وعليه إعادة بناء الاقتصاد تحتاج إلى خطط تنموية طويلة المدى تستند إلى سياسات واضحة وإدارة رشيدة ، بالإضافة إلى دعم دولي فعّال يساعد في تخفيف الأعباء الاقتصادية عن المواطنين .
    الى جانب أهمية تعزيز دور المجتمع المدني وفسح المجال امام العمل السياسي وتشكيل الاحزاب الوطنية للمساهمة في بناء السلام والاستقرار ، حيث تعتبر الاحزاب والمجتمع المدني شريكًا أساسيًا في تعزيز الشفافية والمحاسبة ، وتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار المحلية التي تلبي احتياجات المواطنين المباشرة ، الى جانب التأكيد على أهمية دعم الجهود الدولي لإعادة الإعمار ، بما تضمن تحقيق تنمية مستدامة ، بالإضافة إلى تحسين الشفافية الحكومية ، وضمان استخدام الموارد السورية في إعادة الإعمار ….
    ولنجاح الانتقال السياسي في سورية ملابد من توافر عدة مؤشرات أساسية :
    تعافٍ اقتصادي مستمر ينعكس في استقرار الأسواق ، وعودة الإنتاج ، وتوفير فرص العمل .
    . اعادة وتعويض المفصولين لاسباب أمنية منذ العام 2011 .
    . ترسيخ سيادة القانون .
    . إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس الكفاءة لا الولاء .
    . نظام سياسي دائم يقوم بناء على توافق وطني شامل يستوعب جميع المكونات السورية في بلد موحد .
    . أعادة الأعمار وتعويض المتضررين .
    . رعاية أسر الشهداء والجرحى والمعتقلين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *