بشير قوجة

أقام الملك تشارلز الثالث مأدبة عشاء رسمية في قلعة وندسور تكريمًا للرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” خلال زيارته الرسمية للمملكة المتحدة في سبتمبر 2025، حضر المأدبة حوالي 160 ضيفًا من أبرز الشخصيات السياسية والاقتصادية والإعلامية، ما جعلها واحدة من أضخم المآدب الرسمية التي شهدتها بريطانيا مؤخرًا.
القائمة التي قُدمت كانت استثنائية من حيث الفخامة والدقة، حيث ضمت أطباقًا مختارة بعناية تعكس المطبخ البريطاني العصري بلمسة ملكية:

  • بانا كوتا الجرجير المائي من هامبشاير مع خبز قصير بالبارميزان وسلطة بيض السمان.
  • بالوتين الدجاج من نورفولك المغلف بالكوسا مع صلصة من الزعتر.
  • قنبلة الآيس كريم بالفانيليا مع سوربيه التوت العليق وثمار برقوق فيكتوريا المطهوة بخفة.
  • مشروب خاص أُعد لهذه المناسبة باسم الويسكي الحامض العابر للأطلسي.

كما جرى استخدام 1452 قطعة من أدوات المائدة الفضية والكريستال، وهو رقم يعكس الرمزية والفخامة في مثل هذه المناسبات.

إلى جانب الملك تشارلز وعقيلته الملكة كاميلا، جلس ترامب على المائدة الرئيسية بحضور كبار رجال المال والسياسة من البلدين. من أبرز الأسماء:

  • روبرت مردوخ، إمبراطور الإعلام العالمي.
  • عدد من كبار المديرين التنفيذيين لشركات التكنولوجيا والطاقة الأمريكية.
  • شخصيات بريطانية بارزة في الحكومة والبرلمان.

هذا المزيج من الحضور يعكس طبيعة المأدبة التي لم تكن بروتوكولية فقط، بل اقتصادية – سياسية بامتياز.

أهمية مثل هذه الأحداث
المآدب الملكية ليست مجرد ولائم فخمة، بل رسائل سياسية ناعمة تستخدمها الدول للتعبير عن متانة العلاقات أو فتح آفاق جديدة للتعاون.
على المستوى الدبلوماسي: العشاء أكد على قوة العلاقات البريطانية–الأمريكية رغم الخلافات الظاهرة في ملفات عدة.
على المستوى الاقتصادي: دعوة رجال أعمال وإعلاميين بجانب القادة السياسيين تعني أن المحادثات لم تكن بعيدة عن الاستثمار والتجارة.
على المستوى الرمزي: جلوس ترامب على مائدة الملك تشارلز كان بمثابة إشارة لإعادة تعزيز التحالف التاريخي بين لندن وواشنطن.

التحليل والآراء السياسية بعد المأدبة
الحدث أثار موجة من التعليقات والتحليلات:

  1. الصحافة البريطانية ركزت على البذخ المفرط في وقت تعيش فيه بريطانيا أزمات اقتصادية خانقة، معتبرة أن القصر الملكي أراد إظهار وجه القوة والاستقرار رغم التحديات.
  2. المحللون الأمريكيون رأوا في المأدبة دلالة على أن ترامب يسعى لترميم صورته الخارجية، خصوصًا بعد الانتقادات التي طالته في الداخل.
  3. بعض المراقبين الأوروبيين اعتبروا أن دعوة شخصيات اقتصادية مثل مردوخ تهدف لخلق تحالف جديد بين رأس المال العالمي والسياسة الأمريكية، تحت مظلة العلاقات البريطانية.
  4. المعارضة البريطانية وصفت الحدث بأنه محاولة “تلميع” لترامب، في حين أن وجوده أثار احتجاجات في الشارع البريطاني.

في النهاية، المأدبة لم تكن مجرد جلسة طعام فاخرة، بل منصة لتثبيت توازنات سياسية جديدة، وتذكير بأن “الدبلوماسية الناعمة” عبر المراسم الملكية ما زالت تؤدي دورًا محوريًا في تشكيل العلاقات الدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *