نيروز جلبي

دراسة ميدانية /2025


الملخص بالعربية:

في ظل التحول السياسي الجذري الذي شهدته سوريا بسقوط النظام الحاكم، تبرز إشكالية جديدة تتعلق بمصير اللاجئين السوريين في الخارج، ولا سيما أولئك المقيمين والعاملين في تركيا. فقد أصبح هؤلاء في مواجهة قرارات مصيرية تتعلق بمستقبلهم المهني، بين خيار العودة إلى سوريا للمساهمة في إعادة إعمارها، أو البقاء في تركيا حيث أسس كثيرون منهم حياة مهنية مستقرة. يعالج هذا البحث مدى تأثير هذا التحول السياسي على الاستقرار المهني للسوريين في تركيا، من خلال تحليل مجموعة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والنفسية التي تؤثر في قراراتهم.

ينطلق البحث من تساؤلات عدة، منها أن الاستقرار المهني في تركيا يؤثر على قرار السوريين بالبقاء أو العودة بعد سقوط النظام في تركيا، بينما يمكن أن تدفع التحولات السياسية بعض السوريين إلى اتخاذ قرار العودة، كما يفترض أن تصورات السوريين لمستقبل سوريا بعد سقوط النظام، ومدى شعورهم بالأمان والاستقرار، تلعب دوراً حاسماً في هذا القرار. يسعى البحث إلى تقديم فهم معمق للمتغيرات التي تحكم توجهات السوريين حيال العودة أو البقاء، وما إذا كانت مرحلة ما بعد سقوط النظام تمثل نقطة جذب حقيقية، أم أن الهجرة العكسية لا تزال محفوفة بالتحديات.

تتجلى أهمية هذا البحث في كونه يسعى إلى فهم أعمق لخيارات السوريين المهنية في مرحلة ما بعد النظام، ويقدم بيانات نوعية تساعد صناع القرار في سوريا وتركيا على وضع سياسات أكثر واقعية لإدارة هذه المرحلة الانتقالية. كما يهدف إلى دعم جهود المنظمات الدولية في تسهيل العودة الطوعية، مع الأخذ بعين الاعتبار الأبعاد المهنية للمهجرين.

يعتمد البحث على المنهج الوصفي التحليلي، مستنداً إلى أدوات مثل الاستبيانات لجمع البيانات من السوريين العاملين في تركيا، ما يتيح فهماً أوسع للواقع المهني الذي يعيشونه. ويأمل الباحث أن يسهم هذا العمل في تطوير المعرفة العلمية حول ديناميات الهجرة العكسية، وفي تقديم رؤى عملية لإعادة دمج العائدين في سوق العمل السوري، أو دعم اندماجهم في تركيا إذا ما اختاروا البقاء.

الملخص بالإنكليزية:

In the wake of the profound political transformation in Syria marked by the fall of the ruling regime, a new challenge emerges concerning the future of Syrian refugees abroad—particularly those residing and working in Turkey. These individuals now face critical decisions about their professional futures: whether to return to Syria to contribute to its reconstruction or to remain in Turkey, where many have already established stable careers. This study examines the extent to which this political shift influences the professional stability of Syrians in Turkey, by analysing a set of economic, social, and psychological factors shaping their choices.

The research is guided by several key questions: To what extent does professional stability in Turkey affect the decision of Syrians to stay or return after the regime’s fall? How might political change drive some Syrians toward repatriation? And to what degree do their perceptions of Syria’s future, alongside their sense of safety and stability, play a decisive role in this process? The study aims to provide a deeper understanding of the variables that govern Syrians’ orientations regarding return or continued settlement, and whether the post-regime phase constitutes a genuine pull factor, or if reverse migration remains fraught with challenges.

The significance of this research lies in its attempt to shed light on professional choices among Syrians in the post-regime era, offering qualitative insights that may assist policymakers in both Syria and Turkey in designing more realistic strategies for managing this transitional stage. Furthermore, it seeks to support international organizations in facilitating voluntary return, while integrating professional dimensions into the broader framework of displacement.

Methodologically, the study adopts a descriptive-analytical approach, relying on tools such as surveys to collect data from Syrians working in Turkey. This allows for a broader understanding of their current professional realities. The researcher hopes this work will contribute to advancing scientific knowledge on the dynamics of reverse migration, while offering practical recommendations for reintegrating returnees into the Syrian labour market, or for supporting their continued integration in Turkey should they choose to stay.

المقدمة:

منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، شكّل اللاجئون السوريون إحدى أكبر موجات النزوح في القرن الحادي والعشرين، حيث استقبلت تركيا العدد الأكبر منهم، والذي تجاوز 3.5 مليون لاجئ وفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. (DGMM, 2024). ومع امتداد الأزمة وتعقّد الحلول السياسية، لم يعد الوجود السوري في تركيا مؤقتاً، بل أخذ طابعاً طويل الأمد، ما دفع شريحة واسعة من السوريين إلى البحث عن سبل للاندماج والاستقرار، وعلى رأسها الانخراط في سوق العمل التركي.

شهدت السنوات الماضية تنوعاً لافتاً في المهن التي يشغلها السوريون داخل تركيا، إذ لم يقتصر وجودهم المهني على العمالة غير الرسمية أو منخفضة المهارة، بل توسع ليشمل قطاعات متعددة، مثل الصناعات التحويلية، الزراعة، التجارة، الخدمات، التعليم، وحتى ريادة الأعمال. فقد أسس آلاف السوريين شركات صغيرة ومتوسطة في المدن الكبرى مثل إسطنبول وغازي عنتاب وشانلي أورفا، مما ساهم في تحريك الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل لكل من السوريين والأتراك. (Refugee Studies Centre, 2021)

وقد ساعد الاستقرار الأمني النسبي في تركيا مقارنة بالوضع في سوريا على تشجيع هذا الانخراط، حيث وفّرت الدولة التركية بيئة أكثر أماناً لممارسة النشاط الاقتصادي والعمل المهني. كما أطلقت الحكومة التركية، بالتعاون مع منظمات دولية مثل منظمة العمل الدولية برامج لتدريب وتأهيل اللاجئين السوريين، وتسهيل حصولهم على تصاريح العمل في بعض القطاعات،.(UNHCR, 2020) هذا التنوع في المسارات المهنية للسوريين لم يكن فقط نتاجاً لضرورات المعيشة، بل أصبح لدى الكثيرين جزءاً من هوية جديدة مرتبطة بالنجاح والاستقرار في بيئة بديلة، وهو ما يزيد من تعقيد خيارات العودة عندما تغيرت الأوضاع في سوريا وسقط النظام وظهر احتمالات لإعادة بناء الدولة.

الفصل الأول: الإطار العام للدراسة

إشكالية البحث

شهدت سوريا تحولاً سياسياً جذرياً تمثل في سقوط النظام الحاكم، وهو حدث مفصلي من شأنه أن يعيد تشكيل واقع البلاد على مختلف المستويات، لا سيما فيما يتعلق بملف اللاجئين السوريين المقيمين في الخارج، وفي مقدمتهم الموجودون في تركيا. ويُعدّ السوريون العاملون في تركيا من أكثر الفئات تأثراً بهذه التحولات، نظراً لما يرتبط بمستقبلهم المهني من قرارات مصيرية، مثل العودة إلى سوريا أو الاستمرار في العيش والعمل في تركيا.

ورغم أن سقوط النظام كان يمثل، بالنسبة لكثير من السوريين، فرصة محتملة للعودة وإعادة بناء الوطن، إلا أن هذا القرار لا يتخذ بمعزل عن جملة من الاعتبارات الاقتصادية، والاجتماعية، والنفسية. في ظل هذه الظروف يبرز سؤال جوهري حول مصير هؤلاء اللاجئين عند وقوع حدث من شأنه أن يحدث تغيير جذري في المشهد السياسي السوري، وعلى رأسه سقوط النظام الحالي.

يسعى هذا البحث إلى دراسة تأثير سقوط النظام في سوريا على الاستقرار المهني للسوريين في تركيا، من خلال تحليل العوامل الاقتصادية والاجتماعية والنفسية التي تؤثر في خياراتهم، ومدى استعدادهم لإعادة بناء مساراتهم المهنية داخل وطنهم في حال توفرت ظروف جديدة. ودراسة مدى تأثير سقوط النظام على نية العودة إلى سوريا عوضاً عن البقاء في تركيا، والإجابة على السؤال الرئيسي: “هل هناك أثر لسقوط النظام على استقرار السوريين المهني في تركيا؟”

أسئلة البحث

ينطلق هذا البحث من عدد من الأسئلة التي تسعى إلى تفسير التغيرات المحتملة في توجهات السوريين المهنيين في تركيا في أعقاب سقوط النظام السوري، وهي كما يلي:

  1. كيف يؤثر الاستقرار المهني في تركيا على قرار السوريين بالبقاء أو العودة بعد سقوط النظام في تركيا.
  2. كيف تسهم التغيرات السياسية في سوريا في إعادة تشكيل نظرة السوريين تجاه وطنهم، وتصورهم لفرص العمل هناك.
  3. هل سقوط النظام السوري يؤدي إلى دفع عدد من السوريين العاملين في تركيا إلى التخلي عن وظائفهم والعودة إلى بلدهم.
  4. يلعب المحيط الاجتماعي والعائلي دوراً محورياً في توجيه قرار السوريين المهنيين بين العودة إلى سوريا أو البقاء في تركيا.

أهمية البحث:

تتجلى أهمية هذا البحث في سياق التحول السياسي الكبير الذي شهدته سوريا بعد سقوط النظام السوري، وما ترتب على ذلك من تغيّرات جذرية في المشهد الداخلي والخارجي، سواء على الصعيد الأمني أو الاقتصادي أو الاجتماعي. وفي هذا الإطار، يطرح البحث تساؤلاً محورياً حول مستقبل السوريين المقيمين في تركيا، ولا سيما العاملين منهم في مختلف القطاعات، ومدى تأثر وضعهم المهني بواقع سوريا الجديد.

فمع انفتاح أفق العودة إلى الوطن بعد زوال النظام الذي كان سبباً رئيسياً في نزوح الملايين، يواجه السوريون العاملون في تركيا مفترق طرق حاسماً {هل يعودون إلى سوريا للمساهمة في إعادة إعمارها والانخراط في سوق العمل المحلي، أم يفضلون البقاء في تركيا حيث أسس كثيرون منهم حياة مهنية مستقرة؟} من هنا، يكتسب البحث بعداً عملياً وعلمياً بالغ الأهمية، كونه يتناول العوامل التي تحكم هذا القرار، بما في ذلك مدى توفر فرص العمل في سوريا الجديدة، ومستوى الأمن والأمان، والاستقرار، مقابل ما توفره تركيا من بيئة مهنية قد تكون أكثر أماناً أو استقراراً بالنسبة للبعض.

يسعى البحث إلى تقديم فهم معمق للمتغيرات التي تحكم توجهات السوريين حيال العودة أو البقاء، وما إذا كانت مرحلة ما بعد سقوط النظام تمثل نقطة جذب حقيقية، أم أن الهجرة العكسية لا تزال محفوفة بالتحديات. ويساهم ذلك في تزويد صناع القرار والجهات المعنية باللجوء والهجرة ببيانات نوعية دقيقة تساعدهم على إعداد سياسات واقعية ومدروسة لإدارة المرحلة الانتقالية في سوريا وتنظيم مستقبل السوريين المقيمين في الخارج.

أهداف البحث

ينقسم هذا البحث إلى أهداف علمية وأهداف عملية

أولاً: الأهداف العلمية

  • تحليل أثر سقوط النظام السوري على التوجهات المهنية للسوريين المقيمين في تركيا.
  • تحليل الأثر السياسي للتوقعات المستقبلية حول سوريا.
  • فهم دور الظروف المستقبلية (كالاستقرار السياسي، الخدمات، الأمان، الاقتصاد) في إعادة تشكيل نية العودة لدى اللاجئين.
  • الإسهام في تطوير المعرفة العلمية المتعلقة بديناميات الهجرة العكسية في سياقات التغيرات السياسية الجذرية.

ثانياً: الأهداف العملية

  • توفير بيانات ومعطيات تساعد صناع القرار في كل من سوريا وتركيا على وضع سياسات واقعية لإدارة ملف العمالة السورية.
  • دعم جهود المنظمات الدولية والمؤسسات المعنية في تصميم برامج تُيسر العودة الطوعية وتراعي البعد المهني للسوريين.
  • اقتراح آليات فعالة لدمج السوريين العائدين في سوق العمل السوري، أو تعزيز فرص اندماجهم المهني في تركيا في حال استمرارهم هناك.

منهجية البحث

يعتمد هذا البحث على المنهج الوصفي التحليلي، باعتباره الأنسب لدراسة ظاهرة اجتماعية واقتصادية مرتبطة بتغير سياسي كبير مثل (سقوط النظام السوري)، وتأثيره على (التوجهات المهنية للسوريين) المقيمين في تركيا. يهدف المنهج إلى وصف الواقع كما هو، ثم تحليل العلاقات بين المتغيرات ذات الصلة (سقوط النظام والاستقرار المهني) لفهم العوامل التي تؤثر في قرارات العودة أو البقاء.

ويعتمد الباحث على آداة الاستبانة لتوزيعها على شريحة أوسع من السوريين العاملين في مختلف القطاعات داخل تركيا، بهدف جمع بيانات كمية مدروسة ومتنوعة تدعم التحليل وتساعد في فهم الواقع بطريقة اوضح، كما انه تم تحديد العينة بمختلف البيانات الديموغرافية لكي تكون العينة شاملة لمجتمع البحث وتسهم في وضع نتائج مرجوة، وبرنامج الاكسل في تحليل البيانات واستخراج النتائج المرجوة.

الفصل الثاني: الإطار النظري للدراسة

1.     الواقع المهني للسوريين في تركيا “التحديات والفرص في سوق العمل”

انخرط اللاجئون السوريون في قطاعات متنوعة أبرزها: الزراعة، والبناء، والنسيج، والصناعات التحويلية، والخدمات والتجارة.  وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 90% من السوريين العاملين في تركيا يعملون دون تصاريح رسمية، مما يعرضهم للاستغلال، وانخفاض الأجور، وغياب التأمينات الصحية والاجتماعية. (İçduygu & Diker, 2017)

السمات الديموغرافية للعمالة السورية في تركيا

بعد مرور أكثر من عقد على اندلاع الثورة السورية عام 2011، لا يزال ملايين السوريين يعيشون في دول اللجوء، وتشكل تركيا الدولة المستضيفة الأكبر، حيث تستقبل أكثر من 3.2 مليون لاجئ سوري تحت بند “الحماية المؤقتة” (DGMM, 2024). هذا التواجد الكبير أدى إلى تغيّرات جوهرية في سوق العمل التركي، وبرزت قضايا تتعلق بإدماج السوريين مهنياً، تنظيم عملهم، حماية حقوقهم، وضمان استقرارهم المهني. وعلى الرغم من الإطار القانوني المؤقت الذي يحكم وجودهم، فقد أصبح السوريون جزءاً فعلياً من النسيج الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، حيث اندمج كثيرون منهم في سوق العمل التركي، ولو بطرق غير رسمية في معظم الأحيان (RSC, 2020).

يتسم الواقع المهني للسوريين في تركيا بجملة من الخصائص الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية التي تميز هذه العمالة عن غيرها من الفئات في سوق العمل التركي. فمن الناحية الديموغرافية، يغلب على العمالة السورية الطابع الشبابي، حيث ينتمي معظم الأفراد إلى الفئة العمرية بين 18 و45 عاماً، وهي الفئة الأكثر قدرة على الانخراط في الأنشطة الاقتصادية، كما أن نسبة الذكور بينهم مرتفعة مقارنة بالإناث، نتيجة العوامل المرتبطة بالنزوح والهجرة وظروف الإقامة. أما على الصعيد الاجتماعي، فتتميز هذه الفئة بارتباطها الوثيق بشبكات عائلية وجماعية تسهم في تنظيم العمل والتوظيف، وغالباً ما يتم تشغيلهم في إطار علاقات غير رسمية أو عبر وسطاء وشبكات المعارف.(UNHCR, 2020)

أما على الصعيد الاجتماعي، فتتميّز هذه الفئة بارتباطها الوثيق بشبكات عائلية وجماعية تسهم في تنظيم العمل والتوظيف، وغالباً ما يتم تشغيلهم في إطار علاقات غير رسمية أو عبر وسطاء وشبكات (2021 (IOM,اقتصادياً، تتركّز فرص عمل السوريين في قطاعات محددة، أبرزها الصناعات التحويلية، والنسيج، والبناء، والزراعة، والخدمات متدنية المهارة، وهي مجالات عمل لا تتطلّب غالباً تأهيلاً أكاديمياً عالياً لكنها تحتاج جهداً بدنياً وتحمّلاً لساعات العمل الطويلة وظروف الأجور المنخفضة (ILO, 2019).

إضافة إلى ذلك، ساهمت محدودية تصاريح العمل الرسمية وارتفاع معدلات العمالة غير المسجّلة في زيادة الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية لهذه الشريحة، ما يؤدي إلى ضعف الاستقرار الوظيفي وغياب التغطية الاجتماعية والضمانات القانونية. (Hacettepe University, 2020) وقد أظهرت الدراسات أن هذه الخصائص تشكّل تحدياً مزدوجاً: فمن جهة، يسعى السوريون إلى تأمين مصدر رزق واستقرار نسبي لهم ولعائلاتهم، ومن جهة أخرى، يواجه أرباب العمل وراسمي السياسات في تركيا إشكاليات تتعلق بتنظيم هذا الوجود المهني وضمان حقوق العمل والانسجام الاجتماعي. (TÜİK، 2023)

ورغم هذه التحديات، أظهر السوريون قدرة على التكيف الاقتصادي، تجلّت في ريادة الأعمال، حيث تم تسجيل أكثر من 10 آلاف شركة مرخصة يمتلكها أو يشارك فيها سوريون حتى عام 2023، خصوصاً في ولايات مثل إسطنبول، وغازي عنتاب، وهاتاي، وشانلي أورفا. (Şimşek&Erdoğan, 2022) وقد ساهمت هذه المشاريع في خلق فرص عمل للسوريين وللأتراك على حد سواء، ما يشير إلى تحول تدريجي في موقع اللاجئين من متلقين للمساعدة إلى مساهمين في الاقتصاد المحلي  (CMEC, 2021).

وينخرط السوريون في تركيا في مجموعة من القطاعات الاقتصادية، تتفاوت في درجة تنظيمها ومدى احتياجها إلى اليد العاملة. ومن أبرز هذه القطاعات: الصناعة (وخاصة صناعة النسيج والألبسة الجاهزة)، الزراعة الموسمية، البناء، الخدمات (كالمطاعم والمقاهي) إضافة إلى القطاع التجاري من خلال تأسيس مشاريع صغيرة ومتوسطة، ويُلاحظ أن وجودهم في هذه القطاعات يتأثر بعوامل مثل المهارات المتاحة، فرص العمل غير الرسمي، والسياسات المحلية (UNHCR, 2019).

كما أن التركيز الكبير للعمالة السورية في بعض المدن الكبرى مثل إسطنبول، غازي عنتاب، أورفا، ومرسين، يرتبط بانتشار هذه القطاعات فيها من جهة، وبتوافر شبكات الدعم الاجتماعي من الجهة الأخرى. وفي حالات كثيرة، ساهمت الخبرات السابقة التي امتلكها السوريون في مجالات مهنية محددة، كالحرف اليدوية والنجارة والحدادة، في تسهيل اندماجهم في سوق العمل، ولكن ضمن شروط لا تخلو من الهشاشة والاستغلال.(ILO,2020)

ومع ذلك، لا يزال الواقع المهني للسوريين في تركيا يواجه عقبات كبيرة، من أبرزها الحواجز القانونية والإدارية أمام الحصول على تصاريح العمل، وعدم الاعتراف بالمؤهلات المهنية والشهادات الأكاديمية التي حصلوا عليها في سوريا. يضاف إلى ذلك العوائق اللغوية والثقافية، التي تحدّ من فرص الاندماج في قطاعات تتطلب تواصلاً مباشراً مع الزبائن أو العمل ضمن فرق تركية. كما ينعكس الخطاب السياسي والإعلامي السلبي تجاه اللاجئين على مناخ العمل، ويزيد من هشاشتهم المهنية والاجتماعية (Erdoğan, 2020).

الإطار القانوني المنظّم للعمل المهني للسوريين في تركيا

تُشكّل الأطر القانونية والتنظيمية عاملاً حاسماً في فهم طبيعة مشاركة اللاجئين السوريين في سوق العمل التركي. منذ بداية تدفق اللاجئين السوريين إلى تركيا، تعاملت الحكومة التركية مع هذا الواقع المتغير من خلال مجموعة من القوانين والسياسات المرحلية، التي تطورت بمرور الوقت لتستجيب للضغوط الاقتصادية والاجتماعية والإدارية المتزايدة.

يشكّل “قانون الحماية المؤقتة” الصادر في أكتوبر 2014، الإطار القانوني الأساسي الذي يُنظم وجود السوريين في تركيا. يمنح هذا القانون السوريين وضع الحماية المؤقتة، ويتيح لهم الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل التعليم، والرعاية الصحية، وبعض المساعدات الاجتماعية، ولكنه لا يمنحهم صفة اللاجئ وفقًا لاتفاقية جنيف لعام 1951 بسبب التحفظ الجغرافي التركي (Kirişci, 2014). كان دخول السوريين إلى سوق العمل يتم بشكل غير منظم، ولكن مع مرور الوقت تم وضع عدة خطوات تشريعية لتنظيم عملهم، مثل:

  • تصاريح العمل: في عام 2016، أصدرت الحكومة التركية قوانين جديدة تتيح للسوريين الحصول على تصاريح عمل من خلال نظام الحماية المؤقتة. وهذا يشمل توظيفهم بشكل قانوني في بعض القطاعات، ويتم منحه بناءً على شروط محددة، منها ألا تتجاوز نسبة العمالة الأجنبية في المؤسسة 10% من إجمالي العاملين.(RTMLSS, 2016)
  • التسجيل في الضمان الاجتماعي: لا يزال عدد كبير من السوريين غير مسجلين في نظام الضمان الاجتماعي التركي، مما يؤدي إلى غياب الأمان الوظيفي لهم
  • التمييز في العمل: رغم القوانين التركية التي تمنع التمييز، إلا أن العديد من السوريين لا يزالون يعانون من المعاملة غير العادلة في مكان العمل بسبب خلفياتهم العرقية أو اللغوية، يُعد فهم هذه الأطر القانونية أساسياً من أجل تحليل مدى تمتع السوريين بحقوقهم المهنية، وإمكانات إدماجهم في الاقتصاد التركي بشكل فعّال ومستدام، رغم وجود الإطار القانوني، إلا أن غالبية السوريين يعملون في الاقتصاد غير الرسمي، دون تصاريح عمل أو عقود رسمية، ما يؤدي إلى مجموعة من التحديات.

إلى جانب ذلك، يسجل العديد من التقارير حالات من التمييز وعدم المساواة في أماكن العمل، رغم القوانين التركية التي تمنع التمييز على أساس العرق أو اللغة. يواجه السوريون أحياناً ظروفاً عمل غيرعادلة من حيث الأجور وساعات العمل والمعاملة، خاصة في الصناعات الصغيرة والمتوسطة والقطاعات التي لا تخضع لرقابة صارمة (Refugee Studies Centre, 2021).

إن فهم هذه الأطر القانونية، بكل ما تحمله من تقدم ومحدودية، ضروري لتحليل مدى تمتع السوريين بحقوقهم المهنية، وتقييم فرص إدماجهم في الاقتصاد التركي بطريقة منظمة ومستدامة. فعلى الرغم من وجود إطار قانوني يتيح العمل القانوني، إلا أن التطبيق العملي يعاني من فجوات واسعة، تتطلب إصلاحات مؤسسية وتنظيمية، وتعزيزًا لمبادئ المساواة، والشفافية، والتمكين الاقتصادي الشامل.

التحديات البنيوية وفرص الاندماج في سوق العمل التركي

يواجه اللاجئون السوريون في تركيا جملة من التحديات التي تعرقل إدماجهم الكامل في سوق العمل التركي، رغم مرور أكثر من عقد على بداية وجودهم في البلاد. ومن أبرز هذه التحديات الحاجز اللغوي؛ إذ يشكل ضعف إتقان اللغة التركية عائقاً رئيسياً أمام اندماج السوريين في سوق العمل النظامي، لا سيما في القطاعات التي تتطلب تواصلاً مباشراً مع الزبائن أو زملاء العمل (ILO&WFP, 2019).

إضافة إلى ذلك، يُعد صعوبة الحصول على تصاريح العمل من أبرز المعوقات، حيث إن نسبة كبيرة من السوريين يعملون في القطاع غير الرسمي دون وثائق قانونية، ما يعرضهم للاستغلال، وانخفاض الأجور، والعمل لساعات طويلة دون حماية قانونية أو ضمان اجتماعي (UNDP&ILO, 2021). كما أن التمييز والوصم الاجتماعي في بعض المناطق الحضرية، خاصة مع تصاعد الخطاب السلبي تجاه اللاجئين، يؤدي إلى تهميش السوريين ويقلل من فرصهم المهنية (International Crisis Group, 2018). ومن التحديات التي تواجه السوريين هي العمل غير الرسمي فإن معظم السوريين يعملون في القطاع غير الرسمي، مما يعرضهم للاستغلال، وعدم وجود ضمانات اجتماعية، مثل التأمين الصحي أو التقاعد، بالإضافة إلى التمييز العنصري الذي يعاني منه العديد من السوريين، مما يؤدي إلى صعوبات إضافية في الاندماج المهني، مثل:(UNDP&ILO,2021)

– عدم إتقان اللغة التركية: يشكل عائقاً رئيسياً أمام الحصول على وظائف جيدة.

– معادلة الشهادة: العديد من السوريين حملة الشهادات (مهندسين، أطباء، معلمين) لا يمكنهم ممارسة مهنتهم بسبب عدم الاعتراف الرسمي بشهاداتهم التي تحتاج معادلة في تركيا.

– التمييز: حيث يتعرض بعضهم للتمييز أو الاستغلال بسبب حاجتهم الملحة للعمل.

– انخفاض الأجور: يحصل السوريون غالباً على أجور أقل من الحد الأدنى القانوني.

تُضاف إلى ذلك محدودية فرص التدريب والتأهيل المهني، حيث لا يتمكن كثير من السوريين من الوصول إلى برامج التعليم المهني، إما بسبب القيود الإدارية أو غياب المعلومات الكافية. كما تعاني فئة من السوريين المؤهلين أكاديميًا، كالمهندسين والأطباء والمعلمين، من عدم الاعتراف الرسمي بشهاداتهم الجامعية والمهنية، ما يحرمهم من ممارسة تخصصاتهم في تركيا ويجبرهم على العمل في مهن لا تتناسب مع مهاراتهم (Refugee Studies Centre, 2021).

رغم هذا المشهد المعقّد، هناك فرص واعدة يمكن البناء عليها لتعزيز الاندماج المهني والاقتصادي للسوريين في تركيا. من أبرزها:  (UNDP Turkey, 2020)

  • الطلب على الأيدي العاملة: تعتبر تركيا من الدول التي تعاني من نقص في العمالة في العديد من القطاعات، خاصة في الصناعات والقطاعات الخدمية، مما يخلق فرصاً كبيرة للعمالة السورية.
  • التدريب والتعليم: تقدم بعض المؤسسات السورية في تركيا برامج تدريبية لتطوير المهارات المهنية للشباب السوري، مما يتيح لهم تحسين فرصهم في الحصول على وظائف متخصصة.
  • الاستثمار في ريادة الأعمال: العديد من السوريين في تركيا بدأوا في تأسيس مشاريعهم الخاصة، خاصة في قطاع التجارة والمطاعم، مما يعكس فرصة كبيرة في خلق فرص عمل مستقلة.

كما توجد مبادرات دولية ومحلية تدعم ريادة الأعمال بين السوريين، حيث أظهرت بيانات أن عدداً كبيراً من اللاجئين السوريين نجحوا في تأسيس مشاريع صغيرة ومتوسطة، خاصة في قطاعات المطاعم، والتجارة، والحرف اليدوية، مما ساهم في خلق فرص عمل مستقلة لهم ولغيرهم، وقلل من اعتمادهم على المساعدات الإنسانية (Building Markets, 2018).

ختاماً يمكن القول في هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى أن سياسات الإدماج المهني ما تزال تفتقر إلى الرؤية الاستراتيجية الشاملة، رغم وجود بعض المبادرات الدولية والمحلية التي تسعى إلى تعزيز التمكين الاقتصادي للاجئين السوريين. ومع استمرار غياب الحل السياسي في سوريا، يتوقع أن يظل ملف اندماج السوريين في سوق العمل التركي من القضايا الحيوية على المدى الطويل. 

2.    مراحل انهيار النظام السوري وأثرها على الشتات السوري

شكل النظام السياسي السوري منذ تأسيسه في السبعينيات بقيادة حزب البعث، وبالأخص منذ تولي حافظ الأسد السلطة عام 1970، نموذجاً سلطوياً قائماً على المركزية الشديدة والقبضة الأمنية الصارمة (الأتاسي، 2011). ومع انتقال الحكم إلى بشار الأسد عام 2000، حافظ النظام على بنيته الأساسية، إلا أن التغيرات الإقليمية والداخلية، خاصةً بعد اندلاع الاحتجاجات الشعبية في عام 2011، أدخلت البلاد في دوامة من الصراع السياسي والعسكري، قادت تدريجياً إلى تآكل سلطة الدولة ومؤسساتها في كثير من المناطق.

جذور النظام السوري وبنيته السياسية:

يعتبر النظام السياسي في سوريا من أكثر الأنظمة السلطوية استقراراً واستمرارية في منطقة الشرق الأوسط خلال النصف الثاني من القرن العشرين ومطلع القرن الحادي والعشرين. تعود جذور هذا النظام إلى استيلاء حزب البعث العربي الاشتراكي على السلطة في 8 آذار/مارس 1963 من خلال انقلاب عسكري، مما أدى إلى تأسيس دولة ذات طابع أيديولوجي قومي، اعتمدت على شعارات الوحدة العربية والاشتراكية ومناهضة الاستعمار (Van Dam, 2011).

وقد شكّل انقلاب حافظ الأسد في تشرين الثاني/نوفمبر 1970، والذي عُرف بـ”الحركة التصحيحية”، نقطة تحول محورية في تكريس سلطة الفرد داخل بنية الدولة السورية. إذ قام الأسد بإعادة هيكلة مؤسسات الدولة والحزب بما يخدم تركيز السلطة في يده، مع تعزيز الدور المركزي للأجهزة الأمنية والعسكرية، وتهميش المؤسسات التشريعية والقضائية وتحويلها إلى أدوات شكلية ضمن منظومة الحكم (Perthes, 1995). ومنذ ذلك الوقت، برز مفهوم “دولة الأسد”، حيث تماهى النظام السياسي مع شخص الرئيس، وتداخلت مؤسسات الدولة مع مصالح العائلة الحاكمة والمقربين منها (Wedeen, 1999).

مع انتقال الحكم إلى بشار الأسد بعد وفاة والده في عام 2000، ساد اعتقاد مبدئي بإمكانية حدوث انفتاح سياسي، خصوصاً في ما عُرف بـ”ربيع دمشق”. غير أن هذا الانفتاح لم يدم طويلاً، إذ سرعان ما أعاد النظام إحكام قبضته، متبعاً ما وصفه الباحثون بسياسة “الإصلاح الاقتصادي دون إصلاح سياسي” (Hinnebusch, 2012). بحلول عام 2011، ومع اندلاع الاحتجاجات الشعبية ضمن موجة “الربيع العربي”، واجه النظام أزمة وجودية حقيقية، عجز عن معالجتها بالوسائل السياسية أو الإصلاحات الجزئية. وأدى اعتماده الحصري على الخيار الأمني والعسكري إلى انفجار الأزمة وتحولها إلى نزاع مسلح شامل، زعزع أسس الدولة وأضعف سيادتها، وأفسح المجال لتدخلات إقليمية ودولية واسعة، ما جعل النظام يعتمد بشكل متزايد على الدعم الخارجي للبقاء في السلطة (Phillips, 2016).

أسفرت الثورة السورية عن واحدة من أكبر حركات النزوح القسري في التاريخ الحديث، حيث تجاوز عدد اللاجئين السوريين المسجلين في الخارج 6.8 مليون حتى عام 2024، وفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR, 2024). لقد كان لهذه الهجرة الجماعية تداعيات عميقة ومتعددة الأبعاد على المجتمع السوري في الشتات، شملت الجوانب النفسية، والسياسية، والاجتماعية، والقانونية:

_ شكّلت أزمة الهوية والانتماء تحدياً مركزياً للعديد من السوريين اللاجئين، خاصة من فئة الشباب الذين نشأوا بعيداً عن الوطن أو انفصلوا عنه قسراً، في ظل غياب أفق واضح لمستقبل سوريا السياسي. يعاني الكثير منهم من اضطرابات الهوية بين الانتماء لبلدهم الأصلي وواقعهم الجديد في بلدان اللجوء، لا سيما في ظل تصاعد مشاعر الرفض المجتمعي أو السياسات التقييدية في بعض الدول المستضيفة (ICG, 2022).

_ أدّت هذه الظروف إلى إعادة التشكل السياسي والاجتماعي للسوريين في الخارج. فقد ظهر جيل جديد من النشطاء والمنفيين السياسيين، ممن يسعون إلى لعب دور فاعل في رسم مستقبل سوريا، من خلال إنشاء منظمات مجتمع مدني، ومراكز بحثية، ومنصات إعلامية مستقلة، تسعى لتقديم رواية بديلة للواقع السوري والمطالبة بالعدالة الانتقالية وحقوق الإنسان (European University Institute, 2020).

_ يواجه السوريون في الشتات تحديات قانونية ومعيشية كبيرة، تتفاوت باختلاف الدول المستضيفة. تتضمن هذه التحديات صعوبات في الحصول على تصاريح عمل، أو الاندماج في سوق العمل، أو الاستفادة من الأنظمة التعليمية والصحية، بالإضافة إلى القيود المفروضة على الإقامة الطويلة أو الحصول على الجنسية (Yaylacı&Karakuş, 2021). هذا الوضع يزيد من هشاشة أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، ويؤثر سلبًا على فرصهم في الاستقرار.

ورغم هذه التحديات، لعب السوريون في الخارج دوراً متنامياً في التأثير على الساحة السياسية السورية. فقد برز العديد منهم في مجالات المناصرة الدولية والعمل الإعلامي والحقوقي، وساهموا بدور فعال في إيصال صوت المجتمع السوري إلى المحافل الإقليمية والدولية. كما شاركوا في دعم المجتمع المدني في الداخل، سواء من خلال التمويل أو تبادل الخبرات أو تشكيل شبكات تضامن عابرة للحدود.

أثر انهيار النظام على السوريين في المهجر:

بدأت ملامح تفكك النظام السياسي السوري بالظهور مع انطلاق الاحتجاجات الشعبية في آذار/مارس 2011، ضمن ما عُرف بـ”الربيع العربي”. في البداية، ركّزت هذه الاحتجاجات على مطالب الإصلاح السياسي، وإطلاق الحريات العامة، ومكافحة الفساد. إلا أن الرد الأمني العنيف من قبل أجهزة النظام، بما في ذلك استخدام القوة المفرطة والاعتقالات التعسفية، أدّى إلى تصاعد مطالب الشارع نحو إسقاط النظام، ودخول البلاد في دوامة من العنف والعسكرة. (Lynch, 2016; Hinnebusch&Imady, 2017)

تجلّى الانهيار التدريجي للنظام في عوامل بنيوية كانت كامنة منذ عقود، وأسهمت في إضعاف قدرته على الاستجابة للأزمة. أول هذه العوامل هو الاحتكار السياسي؛ إذ غابت التعددية الحزبية الحقيقية، واحتكرت الأجهزة الأمنية القرار السياسي، مما خلق فجوة واسعة بين الدولة والمجتمع. (Heydemann, 2013)  العامل الثاني يتمثل في الفساد الاقتصادي والاجتماعي؛ حيث هيمنت شبكات المحسوبية والولاءات على توزيع الموارد، وتم تهميش شرائح واسعة من المجتمع، لا سيما في الأرياف والمناطق المهمّشة اقتصادياً.  (Perthes, 1995) أما العامل الثالث فكان الانقسام الطائفي والجهوي، الذي استخدمه النظام كأداة للسيطرة من خلال سياسات “فرّق تسُد”، إلا أن هذا الانقسام تحوّل إلى أحد عوامل التفكك والانهيار بعد تصاعد الصراع وتحوله إلى صراع هويات مركّبة. (Phillips, 2016) انعكست هذه العوامل في تداعيات كارثية على بنية الدولة والمجتمع السوري؛ إذ تحوّلت سوريا إلى ساحة مفتوحة لصراعات إقليمية ودولية، وانهارت مؤسسات الدولة في العديد من المناطق، كما أُجبر ملايين السوريين على النزوح أو اللجوء داخل وخارج البلاد. (De Mistura&O’Brien, 2019) وأدت الحرب والاضطرابات السياسية إلى هجرة قسرية غير مسبوقة في التاريخ السوري الحديث، حيث تجاوز عدد اللاجئين السوريين 6.8 مليون حتى عام 2024 بحسب تقارير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. (International Crisis Group, 2022 )

أحدث سقوط النظام السوري في بعض المناطق السورية وما تبعه من انهيار مؤسسات الدولة المركزية، تغيراً جذرياً في أوضاع السوريين في الخارج، خصوصاً في الدول المستضيفة الكبرى مثل تركيا. فقد تحوّل اللجوء السوري من حالة مؤقتة إلى واقع طويل الأمد، ما فرض تحديات جديدة تتعلق بالهوية والانتماء، وفتح الباب أمام تحوّلات سياسية واجتماعية في أوساط الجاليات السورية. في تركيا، التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين السوريين في العالم (أكثر من 3.2 مليون لاجئ حتى عام 2024 بحسب بيانات مديرية الهجرة التركية)، ساهم غياب النظام المركزي في دمشق، وغياب آفاق العودة الآمنة، في تعزيز مشاعر القطيعة النهائية مع الوطن الأم لدى عدد كبير من اللاجئين، وخلق نوع من الهوية السورية العابرة للحدود، تتشكّل تدريجياً في سياق اللجوء.(Sert, 2021)

برز السوريون في تركيا كفاعل جديد في إعادة بناء المجتمع المدني السوري في المنفى، من خلال المبادرات المجتمعية، والمساهمات البحثية والإعلامية، والعمل على دعم الداخل السوري، بما يعكس تحوّل الشتات السوري إلى قوة اجتماعية وسياسية ناشئة في ظل غياب الدولة المركزية في الداخل . (TDGMM, 2024) كما لعب السوريون في الخارج دوراً متزايداً في الساحة السياسية، من خلال العمل الإعلامي، والمناصرة في المحافل الدولية، والدعم المالي للمجتمع المدني في الداخل. (European University Institute, 2020)

العلاقة بين الاستقرار السياسي والقرار المهني لللاجئين:

يُعد فهم العلاقة بين التحولات السياسية في بلد المنشأ والقرارات المهنية للاجئين في دول اللجوء من القضايا الجوهرية في دراسات الهجرة القسرية والسياسات المقارنة. إذ تتقاطع هذه العلاقة مع مفاهيم مثل الأمن الإنساني، رأس المال الاجتماعي، نظرية الاعتماد على الذات، ونظرية رأس المال البشري، التي تسعى جميعها إلى تفسير سلوك الأفراد في سياق الأزمات السياسية الممتدة، وما يترتب عليها من تداعيات معيشية ومهنية عميقة. فالاستقرار السياسي في بلد المنشأ يُعتبر أحد المحددات الرئيسية التي تؤثر في قرار اللاجئين بشأن العودة الطوعية أو الاستقرار طويل الأمد في بلد اللجوء، وكذلك في خياراتهم المتعلقة بسوق العمل، ومستوى انخراطهم في الاقتصاد المحلي (UNHCR, 2020)

وتشير الأبحاث إلى أن غياب استقرار الدولة الأم يضع اللاجئين أمام حالة ممتدة من اللايقين، لا ترتبط فقط بالمصير السياسي وإنما أيضاً بمخاطر اقتصادية واجتماعية، تجعل العودة محفوفة بالمخاطر وتدفع الكثيرين إلى محاولة تعزيز استقرارهم المهني في بلد اللجوء. (Dryden-Peterson, 2011).

الاستقرار المهني: يشير إلى قدرة الفرد على الحفاظ على عمل منتظم وآمن ومستدام يوفر دخلاً كافياً، مع إتاحة فرص التطور المهني والارتقاء الاجتماعي في بيئة عمل تراعي القوانين وتضمن الحقوق الأساسية للعاملين. ووفقاً لتقارير منظمة العمل الدولية، فإن العمل اللائق يمثل ركيزة أساسية لضمان كرامة اللاجئين وتقليل اعتمادهم على المساعدات الإنسانية طويلة الأمد، كما يُسهم في تعزيز اندماجهم البنيوي والثقافي في المجتمعات المضيفة، ويمنحهم شعوراً بالانتماء والاستقرار النفسي والاجتماعي (ILO, 2016). وقد لاحظت دراسات متخصصة في تعليم اللاجئين والاندماج المهني أن العمل اللائق لا يقتصر على تأمين الدخل، بل يشمل أيضاً التقدير الاجتماعي، وبناء الثقة بالنفس، وتوسيع العلاقات الاجتماعية التي تُشكل ما يعرف برأس المال الاجتماعي (Dryden-Peterson, 2011).

سقوط النظام السياسي في بلد المنشأ: يقصد به الانهيار الكامل أو الجزئي للسلطة المركزية ومؤسسات الدولة نتيجة عوامل مثل الثورات الشعبية، النزاعات المسلحة، أو التدخلات الخارجية (UNHCR, 2020). ويؤدي هذا الانهيار غالباً إلى فراغ سياسي وأمني يعقّد حياة السكان داخل البلد ويُنتج حالة من عدم الاستقرار المستمر. ويُظهر التاريخ المعاصر أن انهيار النظام لا يعني بالضرورة ظهور سلطة بديلة قادرة على فرض الاستقرار، بل قد يفتح الباب أمام صراعات نفوذ جديدة بين أطراف متنافسة، أو انقسامات مناطقية وطائفية، كما حدث في تجارب سوريا وليبيا والعراق. هذا السياق المائع يحرم اللاجئين من الضمانات القانونية والسياسية التي قد تشجعهم على العودة، ويدفعهم إلى بناء استراتيجيات بديلة للاستقرار في بلدان اللجوء، أبرزها التوجه نحو تثبيت وضعهم القانوني والمهني لضمان مستقبل أكثر أمناً لهم ولعائلاتهم (Lischer, 2005). وفي هذا الإطار، توضح المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن غياب أفق سياسي واضح ومضمون في بلد الأصل هو من أهم العوامل التي تبقي قرارات العودة في أدنى مستوياتها، وتحوّل بقاء اللاجئين في الدول المضيفة إلى واقع طويل الأمد يتطلب خططاً استراتيجية في التعليم والعمل والتمكين الاقتصادي (UNHCR, 2020).

يُعَدّ قرار اللاجئين بشأن العودة إلى بلد المنشأ أو الاستقرار في بلد اللجوء أحد أكثر القرارات تعقيداً وتأثراً بالعوامل البنيوية والذاتية. وقد سعت عدة نظريات علمية إلى تفسير هذا القرار في سياق ما بعد سقوط الأنظمة السياسية، حيث تتقاطع الاعتبارات الأمنية، والاقتصادية، والاجتماعية، والنفسية. وفيما يلي أبرز هذه النظريات:

  1. نظرية القرار العقلاني (Rational Choice Theory)

تقوم هذه النظرية على افتراض أن الأفراد يتّخذون قراراتهم وفق تحليل عقلاني دقيق للتكاليف والفوائد المرتبطة بكل خيار محتمل. ففي الحالة السورية، ينظر اللاجئون إلى قرار العودة باعتباره توازناً بين مكاسب الاستقرار النسبي في بلدان اللجوء مثل تركيا، والتي تشمل الأمان، الدخل المنتظم، والتعليم للأبناء، وبين الفرص الافتراضية التي قد تتاح في بلدهم بعد سقوط النظام السياسي، مثل المساهمة في إعادة الإعمار أو شغل وظائف في مؤسسات الدولة الجديدة. ويشير Scott (2000) إلى أن عملية اتخاذ القرار تمرّ بمراحل التقييم والتحليل والمقارنة بين السيناريوهات الممكنة، بما في ذلك تقدير احتمالية الفشل أو النجاح المهني في البيئة الأصلية. وبذلك، لا تتحقق العودة بمجرد تحسّن الوضع الأمني، بل تتطلب اقتناعاً راسخاً بأن الفوائد ستفوق المخاطر والتكاليف المحتملة (Scott, 2000).

  • نظرية رأس المال البشري (Human Capital Theory)

تنظر هذه النظرية إلى المهارات والمعرفة والخبرات التي يراكمها الفرد بوصفها “رأس مال” يستثمر فيه طوال حياته المهنية. وبالنسبة للاجئ السوري الذي قضى سنوات طويلة في تطوير مهاراته المهنية واللغوية وفق سوق العمل التركي، يصبح قرار العودة مشروطاً بقدرة البيئة الأصلية على استيعاب هذا الرأس المال البشري وتقديره اقتصادياً واجتماعياً. فإذا افتقرت سوريا ما بعد النزاع إلى مؤسسات سوق عمل قادرة على توفير فرص عمل تتلاءم مع هذه الخبرات، أو غابت الضمانات القانونية والاجتماعية، قد يرى اللاجئ أن عائد العودة سيكون منخفضاً مقارنةً بمواصلة الاستثمار في سياق اللجوء (Becker, 1993).

  • نظرية الهجرة القسرية والتكامل الاجتماعي (Forced Migration and Social Integration Theory)

تذهب هذه النظرية إلى أن العودة الطوعية لا تتحقق تلقائياً بمجرد توقف العنف أو سقوط النظام، وإنما تعتمد على شرطين أساسيين: أولًا قدرة النظام السياسي الجديد على إعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمع، وثانياً قدرته على توفير مقومات الاندماج الاجتماعي والاقتصادي للعائدين، وترى النظرية أن عودة اللاجئين مرتبطة ارتباطاً مباشراً بمدى توافر بيئة عمل تضمن كرامتهم وتوفر لهم دخلاً مستداماً، إضافة إلى استعادة الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية والإسكان. (Castles et al., 2013)

الفصل الثالث: الإطار العملي للدراسة

نوع الدراسة:

دراسة وصفية تحليلية، تهدف إلى فهم العلاقة بين المتغيرين:

المتغير المستقل: سقوط النظام في سوريا.

المتغير التابع: الاستقرار المهني للسوريين في تركيا.

أداة الدراسة:

استبيان مبني على مقياس ليكرت الخماسي، موجه لعينة معينة من مجتمع السوريين المقيمين في عدة محافظات من تركيا مثل عنتاب، مرسين، ماردين، اسطنبول واورفا. تم اختيار هذه المحافظات كونها من اكثر المحافظات التي كانت تحتضن السوريين وخاصة العاملين منها.

المجتمع والعينة:

المجتمع: السوريون المقيمون في تركيا من حملة الحماية المؤقتة والإقامات بأنواعها (سياحية – طلابية – إقامة عمل) والمجنسين.

العينة: عينة قصدية عددها 111 شخص، تتكون من العاملين السوريين (ذكوراً وإناثاً) بأعمار مختلفة في ولايات متعددة في تركيا منها إسطنبول، غازي عنتاب، أورفا، ماردين ومرسين.

طرق تحليل البيانات:

كون البيانات التي سيتم تحليلها مبينة على مقياس ليكرت الخماسي، تم التحليل بناء على برنامج التحليل الإحصائي ((EXCEL حيث تم تحليل البيانات الكمية بحساب التكرارات وتحديد النسب مع شرح المخططات البيانية، أما البيانات النوعية تم تحويلها الى بيانات كمية ومن ثم تم تحديد مجموع التكرارات ووضع المخطط البياني الذي يشرح التحليل.

الدراسة الميدانية:

تحليل البيانات الديموغرافية:

الجدول (1) الجنس

الجنسالتكرار
ذكر76
أنثى34
يُفضل عدم التصريح1

أظهرت نتائج الدراسة أن غالبية المشاركين كانوا من الذكور، حيث بلغ عددهم 76 مشاركا، بينما بلغ عدد الإناث 34 مشاركة فقط، وفضّل مشارك واحد عدم التصريح بجنسه. وهذا امر طبيعي كون الذكور هم الفئة الأكبر في سوق العمل ووفقًا للعديد من الإحصاءات الصادرة عن منظمات العمل المحلية والدولية، مثل منظمة العمل الدولية (ILO) أو الهيئات الحكومية، فإن معدلات مشاركة الذكور في سوق العمل غالبًا ما تكون أعلى من الإناث، خاصة في بعض القطاعات أو الدول. وتشير التقديرات إلى أن معدل المشاركة في سوق العمل للذكور على مستوى العالم يبلغ حوالي 75%، بينما يبلغ للإناث حوالي 48%.

الجدول (2) العمر

العمرالتكرار
بين 26_3033
بين 31_3529
41 وما فوق21
بين 36_4014
أقل من 2514

تشير البيانات إلى أن الفئة العمرية الأكثر تمثيلًا كانت بين 26 إلى 30 سنة بعدد 33 مشاركا، تليها الفئة بين 31 إلى 35 سنة بعدد 29 مشاركا، بينما جاءت فئة 41 سنة وما فوق بعدد 21 مشاركا. كما سُجلت الفئتين بين 36 إلى 40 سنة وأقل من 25 سنة بعدد 14 مشاركا لكل منهما. هذا التنوع في الأعمار يوفر تمثيلا جيدا لمختلف الفئات العمرية ضمن العينة المدروسة، كما انه يوضح بشكل عام تناسق في اختيار عينة البحث من ناحية العمر.

الجدول (3) سنوات الاقامة في تركيا

سنوات الاقامةالتكرار
اكثر من 10 سنوات78
اقل من 10 سنوات17
اقل من 8 سنوات10
اقل من 5 سنوات4
اقل من 3 سنوات2

أظهرت النتائج أن معظم المشاركين يقيمون منذ أكثر من 10 سنوات بعدد 78 مشاركا وهذا امر طبيعي كون السوريين بدأوا عمليات اللجوء منذ عام 2011 وهذا البحث تم خلال سنة 2025 وهذا دليل على وجود عدد كبير من السوريين في تركيا من اكثر من 10 سنوات، بينما كانت الفئات الأخرى أقل عدداً، إذ أشار 17 مشاركاً أنهم يقيمون لأقل من 10 سنوات، و10 مشاركين لأقل من 8 سنوات، و4 مشاركين لأقل من 5 سنوات، وأخيراً 2 مشاركين لأقل من 3 سنوات. يدل ذلك على أن غالبية العينة لديها فترة إقامة طويلة نسبياً.

الجدول (4) القطاع الذي تعمل به

القطاعالتكرار
قطاع خاص66
لا أعمل23
أملك الشغل الخاص بي12
حرفة يدوية7
قطاع حكومي3

أظهرت نتائج الاستبيان أن 66 مشاركاً يعملون في القطاع الخاص، وهذا ما يدل على ان غالبة السوريين يلجأون للعمل مع شركات خاصة فضلا عن الحكومي الذي كان يعمل فيه حوالي، 3 مشاركين في القطاع الحكومي وذلك لأن شروط العمل مع القطاع الحكومي صعبة ولا يستطيع الاغلبية الالتحاق بها. بينما أشار 23 مشاركاً إلى أنهم لا يعملون حالياً، كما أوضح 12 مشاركاً أنهم يملكون عملهم الخاص، و7 مشاركين يعملون في الحرف اليدوية. تعكس هذه النتائج تنوعاً في النشاط المهني للمشاركين لكي يتم الحصول على عسنة متجانسة من القطاعات التي يعمل فيها السوريين.

الجدول (5) المهنة الحالية


الجدول (6) الجنسية التركية

الجنسية التركيةالتكرار
لا70
نعم41

أفاد 41 مشاركاً بأنهم قد حصلوا على الجنسية، بينما أشار 70 مشاركاً إلى أنهم لا يحملون الجنسية بعد، تشير هذه النتائج إلى أن أقل من نصف العينة المستطلعة قد حصلت على الجنسية، وهذا يعكس الواقع بالفعل لأن عدد كبير من السوريين حصلوا على الجنسية التركية ولكن في الوقت ذاته هناك عينة لا يتسهان بها من الجامعيين والمهنيين ومنهم رواد اعمال او حتى يملكون عمل خاص لم يتم تجنيسهم حيث تباطأت عملية التجنيس التي بدأت سنة 2016 منذ سنة 2019 وبذلك يكون لدينا العينة الاكبر لم يتم تجنيسها.

الجدول (7) تصريح عمل رسمي

تصريح الإقامة التكرار
لا57
نعم54

أظهرت النتائج أن 54 مشاركاً يحملون تصريح عمل، مقابل 57 مشاركاً لا يملكون هذا التصريح. هذا التوزيع المتقارب يشير إلى وجود تفاوت بسيط في توفر تصاريح العمل بين أفراد العينة. وهذا امر طبيعي لأن شروط الحصول على تصريح الاقامة تم التشديد عليها من قبل الحكومة مؤخرا.

تحليل أسئلة الرأي:

  1. الاستقرار المهني الحالي في تركيا

يشير الاستقرار المهني إلى قدرة الفرد على الحفاظ على عمل مستقر وآمن يوفر له دخلاً مستداماً، إلى جانب وجود فرص للنمو والتطور داخل هذا العمل.

الجدول (8) أشعر بأنني مستقر مهنياً في عملي الحالي داخل تركيا

أشعر بأنني مستقر مهنياً في عملي الحالي داخل تركياالتكرار
صحيح لحد ما45
أعارض24
أعارض بشدة20
أوافق17
أوافق بشدة5

هناك نسبة غير قليلة من الموظفين تشعر بالقلق أو عدم الأمان في وظائفهم، بينما الأغلبية تتخذ موقفاً متردداً يميل إلى الحذر. هذه النتائج قد تشير إلى حاجة المؤسسة لتعزيز الشفافية، وضمانات الأمن الوظيفي، وتوضيح المسارات المهنية للموظفين لرفع مستوى الرضا والاستقرار، رغم أن النسبة الأكبر من المشاركين عبّرت عن شعور نسبي بالاستقرار المهني (صحيح لحد ما)، إلا أن مجموع من عبّروا عن عدم الاستقرار يمثل نسبة كبيرة تدعو للانتباه. يشير ذلك إلى حالة من القلق المهني أو الغموض في مستقبلهم الوظيفي.

الجدول (9) أرى أن بيئة العمل في تركيا مناسبة لتحقيق طموحي المهني.

بيئة العمل في تركيا مناسبة لتحقيق طموحي المهنيالتكرار
صحيح لحد ما38
أعارض36
أعارض بشدة21
أوافق12
أوافق بشدة4

تُظهر النتائج أن أغلب المشاركين إما لا يرون بيئة العمل في تركيا مريحة أو غير متأكدين منها، حيث جاءت أعلى نسبة عند “صحيح لحد ما” (38 مشارك)، تليها مباشرة “أعارض” و”أعارض بشدة” بإجمالي 57 مشارك. في المقابل، نسبة من وافقوا على أنها مريحة كانت منخفضة جداً (16 فقط). يشير ذلك إلى وجود نظرة سلبية أو مترددة تجاه بيئة العمل، مع غياب واضح للرضا الكامل. غالبية المشاركين ينظرون إلى بيئة العمل في تركيا إما بسلبية أو بتحفظ، حيث غلبت اختيارات “أعارض” و”صحيح لحد ما” على النتائج بينما كانت نسبة الراضين منخفضة.

الجدول (10) أشعر بأنني أملك فرصاً للتطور المهني على المدى الطويل في تركيا

أملك فرصة للتطور في تركياالتكرار
اعارض34
صحيح لحد ما33
أوافق23
أعارض بشدة18
أوافق بشدة3

تشير النتائج إلى أن أغلب المشاركين لا يشعرون بوجود فرص واضحة للتطور المهني في تركيا، حيث شكّل الرافضون (أعارض + أعارض بشدة) الأغلبية بـ52 مشارك. بينما عبّر 33 مشارك عن شعور متردد (صحيح لحد ما)، ولم يتجاوز عدد من وافقوا تماماً 26 مشارك. هذا يعكس ضعف الثقة بفرص النمو المهني، ووجود حالة من التشكيك أو عدم الرضا العام بين الموظفين، يتضح من النتائج أن هناك تشاؤماً نسبياً حيال توفر فرص التطور المهني، حيث شكل الرافضون الأغلبية، بينما بدت نسبة من يرون فرص تطور حقيقية ضئيلة.

  • التصورات حول مستقبل سوريا

أن حالة الغموض وعدم الاستقرار المهني يؤثر على قراراتهم بسبب عدم وضوح الرؤية السياسية.

الجدول (11) أتابع عن كثب التطورات السياسية في سوريا

أتابع التطورات في سورياالتكرار
أوافق بشدة47
أوافق40
صحيح لحد ما19
أعارض بشدة3
أعارض2

تعكس النتائج اهتماماً كبيراً من المشاركين بمتابعة التطورات السياسية في سوريا، حيث أبدى 87 مشارك (أوافق + أوافق بشدة) موافقتهم على ذلك، وهي غالبية واضحة. نسبة المعارضين كانت ضئيلة جداً (5 فقط)، مما يدل على أن الشأن السياسي لا يزال محور اهتمام واسع لدى المشاركين، مع ارتباط عاطفي أو وطني واضح بالوضع السوري. أبدى أغلب المشاركين اهتماماً مرتفعاً بمتابعة الأحداث السياسية في سوريا، ما يعكس ارتباطهم الوثيق بالشأن السوري رغم الإقامة في الخارج.

الجدول (12) بعد سقوط النظام اتوقع أن تتحسن الظروف الاقتصادية وفرص العمل داخل سوريا

اتوقع تحسن الظروف وفرص العملالتكرار
أوافق48
أوافق بشدة39
صحيح لحد ما17
أعارض5
أعارض بشدة2

تشير النتائج إلى تفاؤل واضح بين المشاركين بشأن تحسن الأوضاع في سوريا بعد سقوط النظام، حيث عبّر 87 مشارك (أوافق + أوافق بشدة) عن إيمانهم بإمكانية التحسن. بينما كانت نسبة المعارضين منخفضة جداً (7 فقط)، مما يعكس ثقة عامة بأن التغيير السياسي قد يؤدي إلى واقع أفضل في البلاد، مع وجود قلة فقط تشكك في ذلك، أظهرت النتائج تفاؤلاً واسعاً بأن سقوط النظام قد يفتح الباب لتحسن الظروف في سوريا، إذ أيدت الغالبية هذه الفرضية.

الجدول (13) أرى أن سقوط النظام يشكل فرصة مناسبة للعودة إلى سوريا والمساهمة في إعادة الإعمار

أفكر في العودة والمساهمة في إعادة الإعمارالتكرار
أوافق40
أوافق بشدة40
صحيح لحد ما25
أعارض4
اعارض بشدة2

تعكس النتائج تفاؤلاً واسعاً بين المشاركين، حيث يرى 80 شخصاً (أوافق + أوافق بشدة) أن سقوط النظام يشكل فرصة حقيقية للعودة والمساهمة في إعادة الإعمار. كما أن 25 مشارك عبّروا عن تأييد جزئي، مما يزيد من حجم المؤيدين المحتملين. في المقابل، كانت المعارضة شبه معدومة (6 فقط)، ما يدل على إجماع شبه عام على وجود أمل في المستقبل وفرصة لإعادة البناء، غالبية المشاركين عبّرت عن رغبتها في العودة إلى سوريا والمساهمة في إعادة الأعمال بعد سقوط النظام، مما يعكس استعداداً عملياً وليس فقط عاطفياً.

  • نية العودة أو البقاء

سقوط النظام السياسي في بلد المنشأ قد يؤدي إلى تغييرات جذرية في ظروف الأمن، الاقتصاد، والمجتمع، مما يدفع اللاجئين إلى التفكير بالعودة الطوعية أو البقاء في المهجر.

الجدول (14) أفضل البقاء في تركيا على العودة إلى سوريا حتى لو تغير الوضع السياسي

أفضل البقاء في تركياالتكرار
أعارض43
صحيح لحد ما31
أوافق17
أعارض بشدة16
أوافق بشدة4

توضح النتائج أن غالبية المشاركين لا يفضلون البقاء في تركيا في حال تغير الوضع السياسي في سوريا، حيث عارض 59 مشاركًا (أعارض + أعارض بشدة) هذا الرأي، ما يشير إلى رغبة قوية بالعودة إذا تحسنت الظروف. في المقابل، فقط 21 مشارك وافقوا على البقاء، بينما أبدى 31 مشارك موقفاً متردداً، مما يعكس تبايناً في الآراء لكنه يميل بوضوح نحو خيار العودة.

الجدول (15) في حال توفر الأمن والاستقرار في سوريا، سأفكر جدياً بالعودة وترك عملي في تركيا

أفكر بالعودة عند توفر الأمن والاستقرارالتكرار
أوافق بشدة37
أوافق34
صحيح لحد ما27
أعارض12
أعارض بشدة1

تعكس النتائج استعداداً كبيراً للعودة إلى سوريا في حال توفرت ظروف الأمن والاستقرار، حيث أبدى 71 مشارك (أوافق + أوافق بشدة) رغبتهم الجدية بترك العمل في تركيا والعودة. بينما كان عدد المعارضين قليلاً جداً (13 فقط)، وعبّر 27 مشارك عن تردد نسبي. هذا يشير إلى رغبة قوية لدى الغالبية بالعودة إذا توفرت الشروط المناسبة، مع ارتباط واضح بالوطن رغم الاستقرار المهني في الخارج، تؤكد النتائج أن توفر الأمن والاستقرار سيكون دافعاً رئيسياً لدى كثير من المشاركين للتفكير بالعودة إلى سوريا وترك عملهم الحالي في تركيا.

الجدول (16) أعتقد أن العودة إلى سوريا بعد سقوط النطام ستكون خطوة محفوفة بالمخاطر المهنية

العودة تعتبر خطوة محفوفة بالمخاطرالتكرار
صحيح لحد ما43
أوافق31
أعارض21
أوافق بشدة11
أعارض بشدة5

تشير النتائج إلى وجود تردد وقلق واضح بين المشاركين بشأن العودة إلى سوريا بعد سقوط النظام من ناحية مهنية، حيث رأى 43 مشارك أن الأمر “صحيح لحد ما”، مما يعكس شكوكاً وحذراً. كما وافق 42 مشاركًا (أوافق + أوافق بشدة) على أن العودة قد تكون محفوفة بالمخاطر، مقابل 26 معارضًا فقط. هذا يوضح أن التفاؤل السياسي لا يُرافقه بالضرورة اطمئنان مهني، وهناك مخاوف حقيقية بشأن بيئة العمل والفرص بعد العودة، رغم التفاؤل السياسي، إلا أن جزءاً كبيراً من المشاركين يرى أن العودة قد تكون محفوفة بالمخاطر المهنية، مما يدل على وجود قلق بشأن الاستقرار الاقتصادي في سوريا بعد التغيير.

تحليل الاسئلة النوعية:

التكرارما العوامل التي قد تدفعك شخصياً للعودة إلى سوريا بعد سقوط النظام
26توفر فرص العمل
14الانتماء للوطن
12عوامل اجتماعية
10توفر الامن والأمان
9الظروف السيئة في تركيا

ما العوامل التي قد تدفعك شخصياً للعودة إلى سوريا بعد سقوط النظام؟

يمكن تفسير هذه النتائج بأن العامل الأهم في قرار العودة إلى سوريا بعد سقوط النظام هو توفر فرص العمل، حيث يشكل الدافع الأكبر للناس مقارنة بباقي العوامل. يلي ذلك الانتماء للوطن والعوامل الاجتماعية مثل الأسرة والروابط المجتمعية، وهي تعكس البعد العاطفي والإنساني للقرار. أما الأمن والأمان فجاء ترتيبه أقل لأنه يفترض مسبقاً أن سقوط النظام سيؤدي إلى تحسنه، وبالتالي ركز المشاركون على عوامل أخرى أكثر عملية. وأخيراً، فإن سوء الظروف في تركيا يعتبر دافعًا إضافيًا قد يسرّع قرار العودة حتى لو لم تتحقق جميع الشروط المثالية داخل سوريا.

النتائج والتوصيات:

تبين بعد التحليل مجموعة من النتائج الموضحة أدناه:

تفاوت الميول بين الاستقرار في تركيا أو العودة إلى سوريا: رغم وجود رغبة بالعودة في حال تحسن الظروف، إلا أن جزءاً لا بأس به لا يمانع في الاستقرار في تركيا حتى بعد التغيير السياسي، مما يعكس تأثير عوامل أخرى مثل التعليم، البيئة الاجتماعية أو الاقتصاد الشخصي.

وجود شريحة مترددة بين جميع السيناريوهات: في معظم الأسئلة تكررت نسبة كبيرة من المشاركين في خانة “صحيح لحد ما”، مما يعكس ترددهم وعدم يقينهم حيال مختلف المحاور المهنية والسياسية.

وجود فجوة بين الطموحات المهنية والواقع الحالي: تكشف النتائج عن وجود فجوة بين ما يطمح إليه المشاركون في مسيرتهم المهنية، وبين ما يتوفر لهم فعلياً من فرص استقرار أو تطور مهني في تركيا.

أهمية العوامل السياسية في تحديد مستقبل المشاركين: النتائج تظهر أن القرارات المهنية لكثير من المشاركين مرتبطة بشكل وثيق بالتغيرات السياسية في سوريا، أكثر من ارتباطها بعوامل السوق أو فرص العمل المجردة.

قوة الانتماء والارتباط العاطفي بسوريا: رغم العمل والاستقرار النسبي في الخارج، إلا أن نتائج العودة الطموحة والمساهمة بإعادة الإعمار تعكس انتماءً عاطفياً ووطنياً قوياً عند كثير من المشاركين.

أثر البيئة القانونية والاجتماعية في تركيا على قرارات المشاركين: يبدو أن جزءاً من عدم الرضا عن بيئة العمل في تركيا يرتبط بعوامل قانونية أو اجتماعية أو ثقافية تؤثر على الاستقرار المهني والاندماج.

وجود درجة عالية من عدم اليقين المهني: توزيع الآراء في معظم الأسئلة يعكس عدم يقين وعدم استقرار فكري ومهني عند نسبة لا بأس بها من المشاركين، خاصة في ما يتعلق بالخطط المستقبلية.

ضعف الرضا العام عن الوضع المهني الحالي: عند جمع نتائج كافة المحاور المهنية يتضح أن الرضا العام عن الاستقرار وفرص التطور في تركيا ليس بالمستوى المرتفع

رغبة حقيقية في الاستقرار على المدى الطويل في الوطن: على الرغم من التحفظات والمخاوف المرتبطة بالعودة، إلا أن البيانات تكشف عن طموح طويل الأمد لدى معظم المشاركين للاستقرار مستقبلاً في سوريا في حال توافر الظروف.

اختلاف واضح بين القرار السياسي والقرار المهني: يوجد لدى البعض شعور بالتفاؤل السياسي، لكنهم لا يقابلونه بنفس الحماس المهني لأسباب تتعلق بعدم وضوح الفرص الاقتصادية في سوريا بعد سقوط النظام.

توصلت الدراسة إلى أن الاستقرار المهني للسوريين في تركيا يتأثر بشكل مباشر بالتوقعات السياسية بشأن مستقبل سوريا، على الرغم من التحديات الكبيرة، إلا أن هناك العديد من الفرص المتاحة لتحسين وضعهم المهني في تركيا، سواء من خلال دعم ريادة الأعمال أو تسهيل الاندماج في سوق العمل الرسمي.

إن تحسين الظروف القانونية والتعليمية والتنموية للسوريين في تركيا يساهم في تحقيق تكامل أكبر لهم داخل المجتمع، ويجعلهم عنصراً فاعلاً في الاقتصاد التركي.

أما فيما يتعلق بالتوصيات:

التوصية رقم (1): دراسة العوامل الشخصية والاقتصادية التي تدفع البعض للبقاء في تركيا رغم التحسن السياسي المحتمل في سوريا، والعمل على معالجة تلك العوامل ضمن خطط العودة، وتعزيز وضوح المسارات الوظيفية، وضمان الأمان الوظيفي، وزيادة التواصل مع الموظفين حول خطط الشركة المستقبلية.

التوصية رقم (2): تعزيز مبادرات بناء الجسور مع الوطن من خلال إنشاء شبكات مهنية سورية في الخارج، وتنظيم مؤتمرات دورية تجمع الكفاءات السورية لمناقشة فرص العودة والإعمار، وإعداد دراسات سوقية واقعية تحدد الفرص والتحديات المهنية في سوريا مستقبلاً، وتقديمها كمواد تثقيفية للمغتربين لمساعدتهم على اتخاذ قرارات مدروسة.

التوصية رقم (3): الاستفادة من هذا الارتباط في تصميم برامج إعلامية وتوعوية تواكب اهتماماتهم، وربما عقد ندوات أو لقاءات دورية تناقش المستجدات السياسية، وتوفير جلسات استشارية نفسية واجتماعية ومهنية تساعدهم في التعامل مع هذه المشاعر وتوضح الخيارات المتاحة لهم بشكل أكثر واقعية.

التوصية رقم (4): تطوير دراسات مخاطر مهنية، وتقديم ضمانات أو حوافز استثمارية لتشجيع العائدين على خوض هذه الخطوة بأمان

التوصية رقم (5): التخطيط المسبق لإعادة استيعاب الكفاءات العائدة عبر شراكات مع القطاعين العام والخاص، وتأهيل البنية التحتية اللازمة لهذا الاستيعاب، وإعداد برامج إعادة دمج وتأهيل وظيفي لمن يخطط للعودة، والتنسيق مع المؤسسات الاقتصادية لخلق فرص ريادية في مرحلة إعادة الإعمار

قائمة المراجع:

İçduygu, A.,&Diker, E. (2017). Labor Market Integration of Syrian Refugees in Turkey: From Refugees to Settlers. The Journal of Migration Studies, 3(1), 1–28.

Directorate General of Migration Management (DGMM). (2024). Temporary Protection Statistics. https://en.goc.gov.tr

Refugee Studies Centre, University of Oxford (2020). Syrian Refugees’ Decision-Making on Return.

UNHCR. (2020). the UN Refugee Agency, Voluntary Repatriation: International Protection Considerations. https://www.unhcr.org

IOM. (2021). Labour Market Assessment of Syrian Refugees in Turkey. International Organization for Migration. https://www.iom.int

International Labour Organization  ILO. (2019). Decent Work for Syrians under Temporary Protection in Turkey International Labour Organization. https://www.ilo.org

Hacettepe University Migration and Integration Studies Centre. (2020). Syrian Refugees in Turkish, Ankara, Labour Market.  https://www.hacettepe.edu.tr

TÜİK. (2023). Labour Force Statistics. Turkish Statistical Institute. https://www.tuik.gov.tr

Şimşek, D., & Erdoğan, M. (2022). Syrian Entrepreneurs in Turkey: Challenges and Contributions. International Migration, 60(1), 87–102. https://doi.org/10.1111/imig.12841

Carnegie Middle East Center (2021). Syria’s Stalemate and Refugee Dilemmas.

UNHCR. (2019). Turkey: Refugee Integration and Employment Programs, Policies for integrating Syrian refugees into the Turkish labor market and analyzes the impact of the political situation in Syria.

International Labour Organization (ILO). (2020). The Role of Refugees in the Turkish Economy.

Erdoğan, M. (2020). Syrians Barometer 2019: A Framework for Achieving Social Cohesion with Syrians in Turkey. UNHCR Turkey&Hacettepe University.

Kirişci, K. (2014). Syrian Refugees and Turkey’s Challenges: Going Beyond Hospitality. Brookings Institution. https://www.brookings.edu/

(Republic of Turkey)Ministry of Labor and Social Security . (2016). Regulation on Work Permits of Foreigners under Temporary Protection. https://www.csgb.gov.tr

Refugee Studies Centre. (2021). The Future of Syrian Refugees in the Middle East. University of Oxford. https://www.rsc.ox.ac.uk

ILO&WFP. (2019). Voices from the Field: Economic Lives of Syrian Refugees in Turkey. https://www.ilo.org

UNDP&ILO. (2021). Vulnerabilities of Syrian Refugees in Turkey’s Informal Economy. https://www.tr.undp.org

International Crisis Group. (2018). Turkey’s Syrian Refugees: Defusing Metropolitan Tensions. https://www.crisisgroup.org

UNDP&ILO (2021). Vulnerabilities of Syrian Refugees in Turkey’s Informal Economy.

Refugee Studies Centre. (2021). The Future of Syrian Refugees in the Middle East. University of Oxford. https://www.rsc.ox.ac.uk

UNDP Turkey. (2020). Supporting the Socio-Economic Integration of Refugees in Turkey. https://www.tr.undp.org

Building Markets (2018). Another Side to the Story: Syrian SMEs in Turkey.

باسل الأتاسي، (2011). الثورة السورية: الجذور والآفاق.المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات

Van Dam, N. (2011). The Struggle for Power in Syria: Politics and Society under Asad and the Ba’th Party (4th ed.). I.B. Tauris

Perthes, V. (1995). The Political Economy of Syria under Asad. I.B. Tauris.

Wedeen, L. (1999). Ambiguities of Domination: Politics, Rhetoric, and Symbols in Contemporary Syria. University of Chicago Press

Hinnebusch, R. (2012). Syria: from ‘authoritarian upgrading’ to revolution? International Affairs, 88(1), 95-113. https://doi.org/10.1111/j.1468-2346.2012.01059.x

Phillips, C. (2016). The Battle for Syria: International Rivalry in the New Middle East. Yale University Press.

UNHCR. (2024). Syria Emergency. https://www.unhcr.org/syria-emergency

International Crisis Group. (2022). Ways Out of Syria’s Deadlockز https://www.crisisgroup.org

European University Institute. (2020). Fragmentation and De Facto Authorities in Syria. https://www.eui.eu

Yaylacı, F. G.,&Karakuş, M. (2021). Refugees and Host Communities in Turkey: Perceptions and Attitudes. Migration Studies, 29(1), 45–68

Lynch, M. (2016). The New Arab Wars: Uprisings and Anarchy in the Middle East. PublicAffairs

Hinnebusch, R.,&Imady, O. (2017). The Syrian Uprising: Domestic Origins and Early Trajectory. Routledge

Heydemann, S. (2013). Syria and the Future of Authoritarianism. Journal of Democracy, 24(4), 59–73.

Perthes, V. (1995). The Political Economy of Syria under Asad. I.B. Tauris

De Mistura, S.,&O’Brien, K. (2019). Syria: The Human Tragedy and the Failure of International Diplomacy. In J. Bercovitch, V. Kremenyuk,&I. William Zartman (Eds.), The SAGE Handbook of Conflict Resolution (pp. 404–421). SAGE

Sert, D. (2021). The Making of a Transnational Syrian Identity in Turkey: Negotiating Belonging in Exile. Journal of Refugee Studies, 34(2), 233–250. https://doi.org/10.1093/jrs/feaa032

Turkish Directorate General of Migration Management. (2024). Temporary Protection Statistics. https://en.goc.gov.tr

European University Institute (2020). Fragmentation and De Facto Authorities in Syria. The repercussions of the fall of the Syrian regime on Syrians in countries of asylum: Türkiye as a model.

UNHCR. (2020). Global Trends: Forced Displacement in 2019. UNHCR.

Dryden-Peterson, S. (2011). Refugee Education: A Global Review. UNHCR. https://www.unhcr.org

International Labour Organization. ILO(2016). Guiding Principles on the Access of Refugees and other Forcibly Displaced Persons to the Labour Market.

Lischer, S. K. (2005). Dangerous Sanctuaries: Refugee Camps, Civil War, and the Dilemmas of Humanitarian Aid. Cornell University Press.

Scott, J. (2000). Rational Choice Theory. In G. Browning, A. Halcli&F. Webster (Eds.), Understanding Contemporary Society: Theories of the Present (pp. 126-138). Sage Publications.

Becker, G. S. (1993). Human Capital: A Theoretical and Empirical Analysis, with Special Reference to Education (3rd ed.). University of Chicago Press.

Castles, S., de Haas, H.,&Miller, M. J. (2013). The Age of Migration: International Population Movements in the Modern World (5th ed.). Palgrave Macmillan.

الملحقات:

المنشورات السابقة:

https://syrianintellect.net/uncategorized/%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%85%d8%a7%d8%b1-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%a%d8%af%d8%a7%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b7%d8%b1%d9%8a%d9%82-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d9%82%d9%8a%d8%a7%d8%af%d8%a9

السيرة الذاتية للباحث:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *