أ.خالد نضال الإبراهيم

شهدت مدينة حماة في المرحلة الأخيرة حراكًا مجتمعيًا متزايدًا، حيث برزت العديد من الفرق والجمعيات التي تسعى لتعزيز التكافل الاجتماعي والعمل التطوعي.

وقد كان لافتًا دخول فرق وجمعيات كانت تعمل سابقًا في إدلب والشمال السوري المحرر إلى المدينة، حيث بدأت بممارسة أنشطتها داخل حماة، ما أضاف زخمًا جديدًا للحراك المدني، وأتاح تبادل الخبرات بين الفرق الناشئة والمجموعات ذات التجربة الطويلة في العمل الإنساني والمجتمعي.

مبادرات للسلم الأهلي والتماسك المجتمعي

في ظل هذا الحراك، لعب فريق STEP التطوعي دورًا محوريًا في تعزيز قيم السلم الأهلي والتماسك المجتمعي.

أطلق الفريق عددًا من المبادرات المتميزة، أبرزها جلسات الحوار المجتمعي التي جمعت أفرادًا من مختلف الفئات والانتماءات، بهدف كسر الحواجز وتعزيز روح التعاون والتفاهم المشترك.

كما نظّم الفريق حملات توعوية تستهدف ترسيخ ثقافة قبول الآخر ونبذ العنف المجتمعي، بالإضافة إلى مبادرات عملية مثل تنظيم فعاليات مشتركة تجمع بين مختلف مكونات المدينة، مما عزّز الروابط الاجتماعية وأعاد إحياء روح التضامن بين الأهالي.

حملة إفطار صائم لتعزيز التلاحم الوطني:

من المبادرات التي حظيت بتقدير واسع، حملة إفطار صائم التي نظمها فريق STEP في شهر رمضان، بمشاركة أفراد من الطائفة المسيحية.

حيث تم توزيع التمر والمياه على الصائمين، في مشهد جسّد أسمى معاني التآخي بين الأديان، وأكد أن الروابط الإنسانية والوطنية أقوى من أي انقسامات.

هذه المبادرة لم تكن مجرد عمل تطوعي، بل كانت رسالة واضحة بأن المجتمع السوري، رغم كل التحديات، قادر على تعزيز وحدته الوطنية من خلال الأفعال قبل الأقوال.

لجنة السلم الأهلي لشراكات مجتمعية فاعلة:

من التحولات الإيجابية التي شهدتها المدينة، تشكيل نواة لجنة السلم الأهلي في حماة، والتي بدأت بتنفيذ أنشطة نوعية بالتعاون مع العديد من الفرق والجمعيات التطوعية. عملت اللجنة على وضع استراتيجيات لتعزيز الحوار بين المكونات المجتمعية، كما أطلقت مبادرات تهدف إلى معالجة النزاعات المحلية بأساليب بنّاءة، عبر التوعية وتقديم الحلول السلمية.

هذه الجهود أسهمت في ترسيخ نهج العمل الجماعي وتعزيز مفاهيم المصالحة المجتمعية.

تحسن الوعي المجتمعي وتطور مفهوم العمل التطوعي:

من الملاحظ خلال المدة الأخيرة أن هناك تغيرًا إيجابيًا في وعي سكان حماة حول أهمية العمل التطوعي.

فقد أصبح الكثيرون يدركون الدور الكبير الذي تلعبه الفرق التطوعية في تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وانتشرت ثقافة المبادرة الفردية والجماعية لخدمة المجتمع.

انعكس هذا التحول في ازدياد عدد المتطوعين وانخراطهم في مختلف الأنشطة الخيرية والتنموية، مما ساهم في تعزيز التكافل الاجتماعي وتقوية النسيج المجتمعي.

صراعات وتحديات: محاولات الصعود والتهميش:

مع هذه الإيجابيات، لم تخلُ الساحة التطوعية في حماة من التحديات؛ فقد برزت بعض محاولات صعود فرق على حساب أخرى، مما أدى إلى ظهور حالات من التنافس غير الصحي، وأحيانًا التهميش لبعض الفرق التطوعية التي لم تكن تمتلك نفس الموارد أو العلاقات.

هذه الظاهرة، وإن لم تكن منتشرة بشكل واسع، شكلت عائقًا أمام العمل التعاوني المشترك، وهو ما يستدعي تكثيف الجهود لتعزيز ثقافة التكامل بدلاً من التنافس السلبي، بما يخدم المصلحة العامة للمجتمع.

مبادرة إفطار رمضاني في مخيمات ريف إدلب:

في خطوة تعكس عمق التلاحم بين الفرق التطوعية في حماة، نظمت مجموعة من الفرق التطوعية زيارة إلى أحد مخيمات اللاجئين في ريف إدلب، حملت طابعًا إنسانيًا واجتماعيًا.

تخللت الزيارة مائدة إفطار رمضاني جماعي جمعت المتطوعين مع أهالي المخيم، في جو ساده الود والتآخي، بعيدًا عن أي فوارق أو حواجز.

 بعد الإفطار، نظم المتطوعون أنشطة ترفيهية وألعابًا للأطفال، حيث حاولوا إدخال الفرح إلى قلوبهم وإضفاء أجواء مليئة بالحياة وسط الظروف الصعبة التي يعيشونها. اختُتمت الزيارة بسهرة رمضانية إنشادية، حملت طابعًا روحانيًا وأحيت الأجواء الرمضانية التي تجمع بين التآلف والأمل.

هذه المبادرة أكدت أن العمل التطوعي ليس مجرد تقديم مساعدات، بل هو بناء جسور من الإنسانية والمودة بين أبناء المجتمع الواحد.

ختامًا:

إن العمل المجتمعي في حماة يشهد تطورًا ملحوظًا، مدفوعًا بروح المبادرة والإصرار على التغيير الإيجابي.

ورغم التحديات، تفتح الشراكات بين الفرق والجمعيات، وارتفاع مستوى الوعي المجتمعي، آفاقًا واسعة لتعزيز ثقافة العمل الجماعي وتحقيق التنمية المستدامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *