أ.خالد نضال الإبراهيم
شهدت مدينة حماة بعد تحرير سورية من نظام الأسد ازدهارًا في العمل التطوعي والمجتمعي، حيث تشكلت العديد من الفرق التطوعية.
هذه المبادرات، التي انطلقت بدافع حب المجتمع وخدمة المدينة، أصبحت رمزًا لروح التعاون والمسؤولية الجماعية. ومع ذلك، إن غياب التنسيق والتنظيم بين هذه الفرق أثر بشكل سلبي على تحقيق الأهداف المنشودة.
الفرق التطوعية في مدينة حماة: انطلاقة عفوية بلا تخطيط:
بدأت الفرق التطوعية في حماة بجهود عفوية من مجموعات شبابية، تهدف إلى تنظيف الأحياء، وإعادة تأهيل الأماكن العامة، والمشاركة في مبادرات اجتماعية وخدمية.
ولكن، بسبب نقص الخبرة لدى معظم أعضاء هذه الفرق، ظهرت تحديات واضحة،على سبيل المثال:
1. تضارب الأنشطة التطوعية:
كانت هناك حالات لتنظيم حملات تنظيف في نفس المكان بفارق أيام قليلة، مما أدى إلى إهدار الجهود.
2. تداخل الأعمال التطوعية:
بعض الفرق قامت بإعادة ترتيب أو تنفيذ مبادرات تتعارض مع مشاريع فرق أخرى، مثل طمس جداريات ورسم أخرى بدلًا منها.
التحديات والآثار السلبية:
على الرغم من النيات الحسنة، إلا أن العشوائية في العمل التطوعي أظهرت بعض الآثار السلبية، ومنها:
1. ضعف التنسيق بين الفرق:
أدى غياب جهة مسؤولة إلى تكرار المشاريع في أماكن محددة وإهمال أماكن أخرى بحاجة ماسة للتدخل.
2. نقص الوعي المجتمعي:
بعد جهود تنظيف الأحياء أو تأهيل الأماكن العامة، كانت الأوساخ تعود بسبب عدم التزام بعض سكان الأحياء بالمحافظة على نظافة أماكنهم.
3. استغلال العمل التطوعي:
استغل بعض الأفراد خبرتهم في المجال المجتمعي لتحقيق مكاسب شخصية، مثل جمع بيانات لبيعها للمنظمات الدولية، مما أثر على مصداقية الفرق التطوعية.
أهمية التنسيق والعمل المنظم:
لتفادي هذه السلبيات، يجب التركيز على وضع آليات تنسيق وتنظيم فعّالة بين الفرق التطوعية، ومنها:
1. إنشاء جهة تنسيقية:
ينبغي على محافظة حماة أو الجهات الحكومية تعيين جهة مختصة مسؤولة عن العمل المجتمعي، لضمان توزيع الأنشطة بشكل متوازن ومنظم.
2. ترخيص الفرق التطوعية:
يجب أن تكون جميع الفرق التطوعية مرخصة ولديها خطط عمل واضحة، لضمان جدية الأنشطة وفعاليتها.
3. إشراك المجتمع المحلي:
تعزيز الوعي بين سكان الأحياء حول أهمية المحافظة على نظافة وتأهيل الأماكن العامة، لمنع تكرار المشكلات.
4. تشجيع التعاون:
تعزيز العمل المشترك بين الفرق التطوعية بدلًا من التنافس، من خلال تنظيم لقاءات دورية لتنسيق المشاريع وتقاسم الأدوار.
دور الحكومة في دعم العمل المجتمعي:
أظهرت محافظة حماة تعاونًا ملحوظًا مع الشباب الراغبين في العمل التطوعي، حيث توفر الدعم والتسهيلات.
ومع ذلك، يبقى غياب جهة رسمية متخصصة في الشؤون المجتمعية ثغرة يجب معالجتها لضمان تنظيم العمل التطوعي وتحقيق أهدافه.
العمل التطوعي: سلاح ذو حدين:
العمل التطوعي في مدينة حماة يمثل أداة قوية لبناء مجتمع متماسك ومزدهر، لكنه قد يتحول إلى فوضى إذا لم يُدر بشكل جيد، وغاب التنسيق بين الفرق التطوعية، ولم يتم إشراك الجهات الحكومية، وغاب الوعي المجتمعي، فالحرص على ما سبق يضمن أن يكون العمل التطوعي أداة بناء لا أداة هدم.
في النهاية، نجاح العمل المجتمعي يعتمد على توحيد الجهود والعمل بروح الفريق، لنُظهر مدينة حماة بأبهى صورة أمام سكانها وزائريها.