من غزة إلى العالم: الشباب بين الضياع والوعي
أ. نورا نحاس، مستشارة اجتماعية
نظراً لما طرأ ويطرأ على حياة الشباب اليومية، من صراعات وتغيرات ومستجدات، بفعل الهجرة والثورات والنزاعات الدولية، نجد أن شبابنا متورطٌ في الوقوع في هوةٍ عميقةٍ تحفّها عدة هويات مقترحة، ومطالبات مطروحة للتبنّي، مما جعل الشباب في حيرةٍ شديدةٍ وسط ضغوطات الظلم والعداء للشعوب الثائرة المطالبة بالحرية.
ولاسيما مايجري في غزة من مجازر يندى لها جبين الإنسانية، هذا الصمت العالمي واللامبالاة الدولية، زادت حيرة الشباب العربي المنتشر في أصقاع الأرض، أضف إلى ذلك تعدُّد الهويات الذي شكّل بدوره تشويهاً شديداً في المعتقدات والكثير من التخبط في اتخاذ المواقف السليمة، إزاء قضايا الأمة والوطن الأصيل.
لا يمكنني كمختصة في الشأن الاجتماعي أن ألقي اللوم على الشباب وحدهم ولا على الأهالي المكلومين والمرابطن على حدود الوطن في كثير من الأحيان، مع كثير من الوجع ومرارة العيش، إلا أني أعوّل على الوعي الفردي الذي يمكنه أن يعيد البوصلة إلى وجهتها الحقيقية ، وأهم موجّه لها : الانتماء العَقَدي والديني ومن ثَمّ الوطني.
وإني أتوجه من خلال هذا المنبر المبارك إلى كل مثقفٍ واعٍ، أن يبدأ برحلة البحث عن الحق والحقيقة، ويتخذ موقفه المشرّف بما يتوافق مع بيئته ومحيطه الثقافي ، سواء كان في الغرب أو الشرق، فإن أولادنا وشبابنا سفراءٌ لنا في بقاع الأرض.
ودورنا كمربين وأهالي واعين ومثقفين، أن نبقى على تواصلٍ دائم مع هؤلاء الشباب، وأن نتمسك بشعرة معاوية، ليبقى العهد والود مااستطعنا إلى ذلك سبيلاً.
فالتحديات التي يعيشها أبناؤنا داخل وخارج الوطن ليست بالشيئ القليل، لاسيما أمام هجمة العولمة واستجلاب الثقافات بشتى توجهاتها إلى بيوتنا، واختصار الكوكب بشاشة صغيرة تتحرك بلمسة واحدة تشبك أطفالنا قبل شبابنا بمستنقعات تعجّ بالملوثات.
وإني لأجد أن واجب المجتمع أولاً والجامعات ثانياً والمؤسسات الثقافية ثالثاً واجبٌ عظيمٌ لا يستهان به، بإيجاد مواقع أو مؤسسات خاصة بالشباب (مع وجودها حاليا، لكنها قليلة) توضع أهدافها وفق رؤى الشباب وتطلعاتهم، بعيداً عن التسلّط وفرض الرأي وبعيداً عن التشدد أو الانبساط المُسِفّ.
أي أن تكون البيئة شبابية نظيفة ممتعة وسطية عملية، ويكون المسؤولون عنها أشخاصاً متفهمين لعقلية شباب هذا العصر وتحدياتهم، فماصلح سابقاً في عصري وعصرك وعصر أجدادنا لم يعد نافعاً لهذا الجيل بأي شكل، ومن ثمّ مساعدة الشباب على وضع خارطةٍ ذاتيةٍ سليمة، تعرّفهم على قدراتهم الحقيقية، ومنابع إبداعهم الشخصية، وفهم مقدراتهم ومهاراتهم، والتركيز على شغفهم الحقيقي الذي يدفعهم وبقوة لتشكيل أفضل نسخة من أنفسهم، ابتداء من مرحلة الشباب الأولى (مرحلة الإعدادية والثانوية) وصولاً لمرحلة الجامعة والتخرج انتهاء بمرحلة الانخراط في سوق العمل.
إن تأهيل الشاب/ة نفسه ليكون مواطناً صالحاً حقاً لنفسه أولاً، ولأسرته ثانياً، ولأمته ثالثاً، يعتبر حجر الأساس لبناء مجتمعٍ حصينٍ رصينٍ، تُفرَز قدرات شبابه وفق ما يناسبها زماناً ومكاناً وموهبةً، وإلا بقينا ندور في فراغ الرغبات والغرائز وتفريغ شحنات الغضب والنقد ومحاربة طواحين الهواء.
فأنا لم أرَ حتى الآن شاباً مجتهداً باحثاً عن الحق والحقيقة تائهاً، بل إني رأيت الكثير من الشباب الناجحين فعلاً في مجالاتهم التي اختاروها بأنفسهم، وأنا أركز على كلمة (اختاروا)، لأني أجد أن الحرية هي الرأسمال الحقيقي لتحقيق الذات، وصناعة الهوية النقية، من دون أي تشويش اجتماعي أو سياسي، وعلى النقيض فإنا نجد أولئك الشباب -الذين سلّموا رقابهم وعقولهم لغيرهم- في حالة تيهٍ عجيبٍ فلا هم حصّلوا ذاتهم ولا استطاعوا تقليد غيرهم.
وأخيراً: فإني أجد أن لدى شبابنا الكثير من الوعي والموضوعية ، ولكنهم يحتاجون لوضع خارطة طريق للمضي في هذه الحياة بصدق وسبْق وعمل وأمل،
وهاهي غزة العزة قد منحت العالم كله شعلة الحرية وعلى شبابنا أن يستلمها ويمضي في طريق الحق والنصر.
سلمت أناملك أستاذة نورا لقد ورثنا من رسولنا الكريم العزة والشرف والحرية وكان افضل معلم لنا فاليوم الشباب لم يعد قدوتهم رسولنا بل أصبح لاعب الكرة والمغني على جميع المسلمين أن يعودوا إلى أصولهم وقدوتهم رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وبهذا تنهض الأمة بأكملها