أ.رنا جابي
في عام 1984 تأسست أول أكاديمية لتعليم أبناء الجالية العربية والمسلمة برعاية من حكومة المملكة العربية السعودية في ولاية فيرجينيا الأمريكية وبعد سنوات قليلة تخرج منها طلاب احتلوا مراكز مرموقة في المجتمع العربي والأمريكي بعد إتمام دراستهم الجامعية حيث تبنت الأكاديمية المنهاج الأمريكي إلى جانب اللغة العربية والتربية الإسلامية ثم أغلقت الأكاديمية أبوابها وأُنشئت أكاديمية الملك عبد الله الدولية عام 2016 التي اعتبرت الأولى من نوعها في أمريكا والعالم من حيث المبنى والتوجه الدولي والبيئة التعليمية والاجتماعية حيث يحصل الخريجون منها على شهادة البكالوريا الدولية بالإضافة إلى أنها تشكل مجتمعًا عربيًا ومسلمًا تربطه علاقات ود لا مثيل لها على الرغم من تعدد جنسيات أولياء الأمور والمعلين..
وفي 30 من كانون الثاني (يناير) من العام الجاري أعلنت حكومة المملكة إغلاق المدرسة وبيع المبنى وأمام هذا الخبر الصادم دخل منسبو الأكاديمية وأولياء الأمور والطلاب في نفق مظلم وأصيبوا بحالة من الصدمة والحيرة العاطفية وتخبطوا كالأيتام أمام إيجاد إجابة للسؤال: أين سنذهب بعد أمّنا الأكاديمية؟!
وفي ظل التحديات التعليمية المتسارعة والاحتياجات المتزايدة لتوفير بيئة تعليمية متطورة وحاضنة لأبنائنا الطلاب انبثقت فكرة تأسيس أكاديمية جديدة لتكون نواة لمؤسسة تعليمية تحتضن أبناءنا من جديد وتكون لهم بيتًا يجمعهم على حب فنون اللغة وقواعد الدين الإسلامي بالإضافة إلى المنهاج الأمريكي ومُدّت سواعد أولياء أمور كان معظمهم قد درسوا وتخرجوا من الأكاديميتين السابقتين ليطلقوا نواة لأكاديمية جديدة وبين الحلم والحرف انطلق المشروع وتم تأسيسه بعناية حتى في اختيار الاسم FALCON (الصقر) لما يحمله الصقر من بعد للنظر وعشق للقمم وقوة وعزة وقدرة على التخلص من الأفاعي والفئران… بالإضافة إلى أن هذا الاسم كان يردده الطلاب في عبارة لتشجيع فريق المدرسة أثناء المباريات…
(LET’S GO FALCON LET’S GO)
بالإضافة إلى ما يرمز إليه كل حرف في اللغة الإنكليزية:
F: faith
A: Academic Excellence
L: Leadership
C: Community
O: Ownership
N: Nurture
الإيمان، التفوق الأكاديمي، القيادة، المجتمع، الملكية، التنشئة السليمة.
وقد قام مشروع التأسيس على الأهداف التالية:
1-إنشاء مجتمع أمريكي عربي مسلم صالح.
2-توفير تعليم عالي الجودة وبناء جسور تواصل مع المجتمع المحلي والعالمي.
3-بناء شخصية الطالب أكاديميًا وأخلاقيًّا ليكون قائدًا قادرًا على إحداث فروق إيجابية في المجتمع من خلال تنمية مهاراته الحياتية.
وبجهود جبارة وزمن قياسي انطلق الحلم وتحول إلى حقيقة وكي يتحقق الهدف المرجو حرصت الأكاديمية على استقطاب الكفاءات التعليمية من ذوي الخبرات الذين يجمعون بين المهنية العالية والشغف بالتدريس ويؤمنون بأن التلميذ ليس رقمًا في دفتر المعلم وسجلات المدرسة، بل هو قصة قائد أو أديب أو عالم أو فنان تنتظر أن تكتب وموهبة تبحث عمن يؤمن بها ويصقلها وأن التعليم ليس حشوًا للعقول، بل هو إشعال نار الفضول العلمي والاكتشاف والاختراع وهو رسالة تتجاوز الجدران وتغرس في النفوس بذور النور… ويثبتون أن التعليم أعظم الفنون ورسالة خالدة ومشروع بناء الإنسان…
انطلقت أكاديمية “فالكن” لتكون اللبنة الأولى لصرح عظيم يزود أبناءه بالخبرات والمهارات المطلوبة لبناء المجتمع ومنارة من نور وواحة في بيداء عطشى وغراس نخيل تسر الناظرين نستظل بظلها وننتظر رُطَبها ووعد بالتغيير ونافذة تطل منها الناشئة على العالم ومرآة يرى فيها الطالب ذاته مفكرًا ومبدعًا وباحثًا ومسؤولًا ومواطنًا صالحًا…
وُلدت “فالكن” لتكون أملًا جديدًا يغرس في الغربة جذورًا لا تذبل…