أ.نور طيارة
ما بعد الركام… من نعيد أولًا؟
كل شيء يمكن إعادة بنائه إلا الإنسان، الجيل الذي كبر بين الخوف والشتات لم يعد يثق بالمقاعد المدرسية، ولا بالجدران التي كانت تُدعى وطنًا
السؤال الحقيقي الآن: كيف نعيد بناء “الوعي” بعد كل هذا الخراب؟
الوعي المجروح… ذاكرة لم تُداوَ بعد
لا يوجد ما هو أعمق من جيلٍ يشعر أنه غريب في بلده، وغير مرئي في روايته. جيل عاش طفولته في الظل، وخرج من الملاجئ لا ليسألوا: كيف حالكم؟ ما الذي كُسر فيكم؟ وما لم يُعترف بالجرح، سيبقى الوجع، ويتكلم بطرق مشوّهة…
كسر التلقين… لا نريد نسخًا مكررة
الوعي لا يُبنى بالقص واللصق، ولا بالتلقين. الجيل السوري الجديد لا يريد شعارات جوفاء عن الوطن، بل يريد أن يصنع فكرته الخاصة عنه. يريد أن يُفكّر، لا أن يُلقَّن. أن يتعلّم كيف يقرأ الواقع ويكتبه، لا كيف يحفظه دون أن يفهمه..
الهوية ليست درسًا هي شعور حي ولا يُعلّم الانتماء بالكتب، بل يُعاش، حين يُسمح للشاب أن يحكي قصته، أن يرسم فكرته، أن يكتب بلهجته، حينها فقط يشعر أن هذا الوطن يشبهه نحن بحاجة إلى أدوات جديدة: نادي، بودكاست، نص، فيلم، أي مساحة تسمح له بأن يشعر أنه يُرى ويُسمع.
دورنا اليوم أن نصغي قبل أن نُوجّه إن أردت أن تبني وطنًا، فعلك أن تبدأ بأبنائه، أن تترك مسافة للجيل الجديد ليقود ولا ليُقاد..
لتصبح سوريا حاضنة فكرية، لا منبرًا يردد ما يُكتب فالإصغاء ليس ضعفًا، بل مفتاحًا لبناء جديد.
كل شيء يُرمم، إن لم نتجاهله
ترميم الوعي لا يحتاج لمعجزة، بل لنوايا صادقة ومساحات مفتوحة. حين نسأل الشباب: “ماذا تحتاج لتثق بنفسك وببلدك؟” نكون قد بدأنا فعليًا…
هذا الجيل ليس ضحية فقط، بل فرصة لكتابة وطن جديد، لا يشبه ما تحطّم.