أ.خليل الهنداوي
وطــــــن يرف بــــــه ألـــــف علـــــــم
وحـمــــى يحـكـمــــه ألـــــف صـنـــــم
لا تـقـولـــــوا: أمـــــــــــة واحـــــــــدة
إنمـا نحـــن بقـــايــــا مـــن أمــــــــــم
كلـنـــا يـعــتـــــــــــز بـاستــــقـلالـــــه
فاستقلــوا! لكــــم الدنـيـــــــا، لكــــــم
ولكــــــم أقسـمــتـــم – لا تـقســمــــوا
وحـــــدة العـــــرب بــألا تـنــقســـــــم
قــــد غــدونــا حيــث كنــا شـيـعــــــــا
نـتـبــاهــى بــأكــاذيــــب الشــيــــــــم
أو لسـنـا نحــــن فـرســان الـوغـــــــى
أو لسـنـا نحــــــن أبـطــــال الشمــــــم
لــي حــدودي، لا تحــاول مسّـهـــــــــا
حسبـنــا جــامــعــــة لا تـنـفــصـــــــم
نحـــــن جيـــــران، ولكــــن بـالهـــوى
نحـــــن إخـــوان، ولـكــــن بالـذمــــــم
كــــل قـطـــــر إن تشــكّــــى ألـمـــــــا
مــال قطـــر مـــن تـبـاريـــح الألـــــــم
بـــردى إن يــبـــك يـــومــــا شجـــــوه
عـطــــف النـيـــل عليــــه، والهـــــــرم
كـــــــــرم والله أزرى بـــالـكــــــــــرم
وشعــــور بالتـــآخـــــي يــحــتــــــــرم
مــزقــونــا! إنــمـــــا تمــزيــقــــنـــــــا
نعــــمـــة، وليـغـــــدق الله النـعــــــــم
واعـزفـــــوا فـي كــل قـطــر نغـمـــــا
كـــل قــطـــر يتصـبـــــــاه نــغـــــــــم
وكـلـــوا اليـــوم هنيــــئا واشــربــــــوا
فـلذيـد العـيــــش أن نشــكــو التـخــــم
لا تـقــولـــــوا: أجـنــــــب قسّمــنـــــــا
أيّ كـــفٍّ رضـيــت فيمـــــــــا قســــم؟
أيـهـــا الأحــــلاف مـــا أقـــواكـــــــــم
انـكـــــم لحـــــم علـى ظـهــر وضـــــم
بـــــارك الله لــكـــــم فـــي أمـــــــــــة
أصـبـحـــت مضــرب أمـثــال الأمـــــم
قسـمــــا بالله – قــــد جـــــلّ القســــم
لــم تعــودوا غـيـــر أشـــلاء رمــــــــم
لا تـقـولـوا! نحــن آســـــاد الشــــــرى
أنــتــــــم، مـــا أنــتـــــم إلاّ غــنـــــــم
فـهـــديــــــر وزئـيـــــــر فــــــــــارغ
طبـــق الآفـــاق! فـأسـمـــع وابـتـســـــم
وإذاعـــــــــات علــــــــى أشــــداقـهـــا
يـتوالــــــى الســب كالسـيل العـــــــرم
ومـقـــالات لحـقــــــــدٍ أرسـلــــــــــت
فـاقــتــبـس منـــها أفـانيـــن الحـكــــم!
وجيــــاد صـافـــنـات فــي اللجــــــــــم
وجيــوش قـابـعـــات فـــي الظــلـــــــم
وسيـــوف سئمـــت أغـمـــادهــــــــــــا
أتــراهــــا تـغــــسل العــــــار بـــــــدم!
خـلـَــت السـاحــــة مـــن أبطــالـهــــــا
فـتـلـفـّت! هــل تــرى مــن معـتـصـــم
ووراء الخــــط خـصــــــمٌ لابـــــــــــدٌ
يـرقــــب الملهـــاة … ملهـــاة الخـــــدم
كــم سلخـنا الأرض منـهـــم كذبـــــــــا
وقـذفـناهـــم علـــى شــط ّ الخـضـــــم!
وهـــم – لا نحـــن – أربــــابُ الحـمــى
لمــن السـاحــل؟ والطـــــود الآشـــــم؟
ومــــن اللاجـــــئ لا أرض لــــــــــــه
لا كـيــــان، لا مـكــــان، لا عـلــــــــــم
هـل تـرى العـيـن علـى طـول المـــدى
غــيـر أشـبــاح تـــوارت فـي الخـيـــــم
قــــد غسلـنـــا الـعـــار لـكـــن بـالرؤى
وبلـغــنـــا الـثــــأر لـكــــن بالحـلـــــــم
ومـلأنـــا الأرض لـكـــــن خـطـبـــــــا
وتـحـــديـنــا، ولـكـــــن بـالـقــلـــــــــم
يـا بــراكـيــن الـدمـــــار انـطـلـقــــــي
وأقـذفـــي بـالـنـــــار أرضـي والحـمــم
علــــه يـبـصـــر مـــن فـيـــه عـمــــى
علـّــــه يسـمـــع مــن فـيـــه صـمـــــم
ثـــارت الخـيــل علـــى فـرســــانـــــها
وتـولاهـــا مـــن اليــــأس الســـــــــــأم
أطـلقــــــوهـا فـهــــي أدرى بـالـمــدى
أطـلقــوهـا وحــدهـــا فــي المقـتـحـــم
إنهــا تـوشـــك أن تـرضــي العــــــــلا
لـو تـولــىّ الخـيـل ســــواق حـطــــــم
كلـمـــا قـلـــت: مـتــــى مـيـعــادنـــــا
خـنـس القــــوم وقـالــــوا: بعـــد كـــم!
كــــم صـبــرنـــا وانـتـظـرنـــا بـاطــلا
يـا كـبــارا ً! يـا صغــارا ً! يـا قــــــزم!
يــــا عـَــــدوا ً ظـــنّ أن أمـــــــــــــــة
تـركـــب الهــول إذا الهــــول احـتــــدم
أمتـــــي غــــارقـة ٌ فـــــي زهــوهــــا
أمتـــــي نـامـــت علـــى الذل … فـنــم!
سيـفـنـا حــــــرٌ علـــــى أعنــاقـنــــــــا
ورويـنــــــاه دمــــــــا مـنـــــا بـــــــدم
أيهـــــا الجـيــــــــل الذي أرقـبــــــــــه
أنـت – لا غـيـرك – من يحمي الحـرم
أنــــت مـــن يغســـــل عـنـــا عـارنـــا
حـيـن يـدعـــو الثــأر، والثـــأر أمـــــم
لا يــنـــــال الـثـــــــأر إلا واثــــــــــب
خـاشـــــن السـيـف بســـيـف وانـتـقـــم
مـا الــذي يـجــديـــك سـيـف قـاطـــــع
لا يـفــل الخـطــــب، إن خـطـــب ألـم؟
فادفـن الحـاضـر والمــاضــــي معــــا
وأقــذف الأمــوات فــي مهـوى العدم
واقـــــرع الظـلـــم بظـلــــم مـثـلــــــه
لـــم يـفــز بالحــــق إلا ّ مـــن ظـلــــــم