أ. طارق سليمان
عندما اكتشف الرجل الأبيض قارتي أمريكا وأستراليا ، وجدها مأهولة بسكانها الأصليين.. الذين كانت لهم حياتهم وطقوسهم وديانتهم وآدابهم .. فلم يتعايش معهم أو يحاول فهمهم .. بل إن فكرة التعايش المشترك لم تكن قائمة من الأساس..
نصب الرجل الأبيض نفسه للناس إمامًا وصاحب قرار في الأرض والبشر والثمر .. لأنه كان يعتقد أنه الأفضل والأقوى من هؤلاء البشر ..
ومن هذه الفرضية ارتكب الرجل الأبيض المحتل -في سكان الأراضي الجديدة- المجازر والمحارق ، التي يندى لها جبين الإنسانية الحقيقية ..
لماذا لم يبذلوا مجهودا في فهم الآخر ..؟
لماذا لم يحاولوا أن يجدوا طريقة أخرى غير الإبادة العرقية ..؟
لماذا لم يخجلوا مما سيحكيه التاريخ عنهم..؟!
لأنهم ظنوا أن أصحاب الأرض في مرتبة أدنى من مرتبة البشر وأنهم لا شيء..
ولثقتهم أيضًا بأنهم من سيكتب التاريخ ويصنع الحاضر ويقرر المستقبل ..
هؤلاء أقوام اعتادوا على إتيان الكذب وتغليفه وتزيينه وبيعه للآخرين كبضاعة مزجاة ..
فلا غرو أن لا يمتعض وجه العالم الحر أمام المجازر والانتهاكات التي يتم ارتكابها في حق النساء والأطفال العزل الآمنين تلك الجرائم التي تعرض علنًا على الشاشات ..
لا غرو أن تسمع عبارات ضبط النفس عند قيام المعتدى عليه بالتفكير في رد العداون .. بينما لم يتحدث أحد عندما كان المعتدي يعربد في السموات والأراضين من حوله .. لم تحده حدود دولية ولا أعراف ولا قوانين ..
إن سياسة حافة الهاوية التي تمارسها البلدان الأقوى ضد البلدان الأضعف والتي تحمل فكرة بأنك لن تصل لشيء ولن تغير شيء لا نريده نحن أن يتغير .. هي التي زرعت بذرة الإرهاب في المنطقة .. بل هي التي ستدفع حتى عقلاء هذه البلدان إلى اتخاذ مواقف متطرفة ضد الرؤى والأطروحات الخاصة بمستقبل المنطقة هذا لو كان مستقبل وأمن هذه البقعة من العالم يعني أحدًا…
إن الظلم في قرية صغيرة نائية في العالم يهدد الأمن والسلام العالمي .. فما بالك بالظلم و التجبر والطغيان في المنطقة التي كانت مهد الرسالات السماوية التي أهدت للعالم -في عصور البداوة الأولى- العدل والمؤاخاة والمساوة والحب ..