د.جميل التميمي

زارتني سيدة  تعاني من طفلها  البالغ من العمر 5 سنوات،  والذي بدأ يتصرف بشكل غريب، يتحرك كثيرًا وينزعج أكثر، إلى درجة أنه خلق جوا غير مستقر في البيت خلال الأشهر الأخيرة ، في حين كان هذا الطفل في السابق بمنتهى الهدوء والسكينة والذكاء، وبعد تقييم حالته، تبين فيما بعد أن هذا الطفل بدأ يغار من أخته الأصغر منه ، ولأن الطفل في هذا العمر غير قادر على التعبير عن مشاعره وخوفه من منافسة أخته له في الاستحواذ على محبة والديه له ،لذلك وبدون وعي أخذ يترجم هذا الخوف إلى فرط  في الحركة واضطراب بالسلوك ، فهو غير قادر على الافصاح لهم عن مشكلته لفظيا لأن قدراته الكلامية لم تتطور بعد…

هذا الموضوع أعادني إلى الرواية الشهيرة زوربا للكاتب اليوناني “كازانتزاكيس”

فبطل الرواية زوربا والذي جسّده في الفيلم الشهير (زوربا) الممثل العالمي أنتوني كوين، كان إنسانا بسيطا جدا، غير متعلم لا يجيد سوى ترجمة مشاعره إلى حركات راقصة، وكلما تعرض إلى موقف عاطفي، فإنه يعبر عنه بحركات الرقص، لأن الرقص بالنسبة له أسهل تعبيرا من الكلام عن مشاعره، وعندما غرق ابنه الوحيد وجاؤوا بجثته، وكان الحزن والمكان يملأ المكان، لم يبك معهم وإنما انطلق يرقص بينهم حتى ظنوا بأنه أصبح مجنونا، لكن في الحقيقة كان بكامل قواه العقلية، أما الرقص بالنسبة له فكان المعبر الوحيد عن حزنه..

مرددًا عبارة: “عندما يتوقف اللسان عن التعبير ينطلق الجسد”

فالمشاعر النفسية قد تظهر بأشكال مغايرة وغير مألوفة لدى البعض، وأحيانا البكاء واللطم قد يعبر عن الفرح في حين الضحك والرقص قد يعبران عن الحزن..

 كما قال إمام الشعراء “المتنبي”:

“ولا تحسبوا رقصي بينكم طربًا

فالطيرُ يرقصُ مذبوحًا من الألمِ”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *