أ.طارق سليمان
«ايزادورا» فتاة رائعة الجمال ابنة أسرة إغريقية تعيش فى مصر في مدينة أنتنيوبولس في القرن الثاني بعد الميلاد «120 ميلاديًا» في عصر الإمبراطور الروماني هادريان .. كان أبوها حاكما للإقليم المعروف حالياً بمحافظة المنيا وكان قصره الكبير موجودا في مدينة أنتنيوبولس حيث يطل على النيل.
وقعت الفتاة الجميلة ذات الثمانية عشرة ربيعا في حب ضابط مصري اسمه «حابي» كان يعيش على الجانب الغربي من النيل فى مدينة خمنو «الأشمونين» حالياً، وكان من قوات الحراسة الموجودة في المدينة، ومن ثم يعتبر شخصا عاديًا من أبناء عامة الشعب المصري، ولم يكن من علية القوم، فلا يوجد أي وجه للمقارنة بينهما من حيث المستوى، رغم ذلك قال الحب كلمته وساقها القدر لتقابل حبيبها.
لم تكن «ايزادورا» تعرف -حين خرجت من قصر أبيها عبر النهر لتحضر أحد الاحتفالات الخاصة بـ«تحوتي» رمز الحكمة والقلم فى مصر القديمة- أنها ستلتقي مع حب حياتها الضابط حابي ..
تعلقت الفتاة النبيلة بالضابط المصري الشاب .. الذي افتتن بجمالها وهام بها حبا ..
حتى أنهما كانا يتقابلان كل ليلة على شاطىء البحيرة التي تحيط بقصر أبيها وكان حبيبها يأتى إليها في المكان الموعود.. وبعد ثلاث سنوات من الحب الصادق أصبحت قصتهما على كل لسان ..علم أبوها بذلك، وقرر أن يمنعه، ففي قانونه وعرفه لا يجب أن ترتبط ابنته ذات الأصول الإغريقية بشاب مصري، وأبلغ الحراس بتتبعها ومنعها من الالتقاء بحبيبها..
أستبد بالفتاة الصغيرة الحبيسة الشوق لرؤية حبيبها فغافلت حراسها وخرجت تنتظر في مكان اللقاء وعندما شعر الحراس بغيابها عن مخدعها أسرعوا إلى مكان اللقاء .. وعندما شعرت بقدومهم خاضت في مياه البحيرة حتي يتوقفوا عن مطاردتها .. ولكن بسبب خوفهم من غضب سيدهم لم يتوقفوا ..ولزهدها في حياة القصر التي لا يوجد فيها حبيبها اندفعت داخل مياة البحيرة حتى غابت في الظلام تحت الماء ..
ندم أبوها أشد الندم على ما فعله بابنته، فبنى لها مقبرة جميلة وكتب بها مرثيتين، إحداهما:-
«أيتها الصغيرة الجميلة، أيتها الطيبة البريئة، والزهرة الناضرة، التي ذبلت في ربيع العمر، يا ملاكي الطاهر الذي رحل دون وداع»، كانت هذه الكلمات من رثاء الأب الذي حرم أميرته الصغيرة من حق الحب والحياة وآخر ما دوّن باليونانية على جدران مقبرة تقع بقرية تونا الجبل بمحافظة المنيا، التي تضم رفات الأميرة إيزادورا، أول شهيدة للحب في التاريخ…
أما حبيبها فكان مخلصا ووفيا فكان يذهب كل ليلة يشعل شمعة بداخل مقبرتها حتى لا تبقى روحها وحيدة..
وبقي على هذه الحال حتى لحق بها.