الكاتب:  راتب حامد

تمهيد

الوعي لغة : حفظ وفهم الشيء ( معجم لسان العرب) 

مقدمة : 

الوعي السياسي هو الفهم والإدراك للأحداث السياسية التي تجري على المستوى المحلي وعلى المستوى العالمي، ويصدر عن الوعي السياسي ما يعرف بالتحليل السياسي وهو محاولة التنبؤ بالأحداث السياسية بناء على المعطيات المتوفرة أو المعلومات من مصادر خاصة ، ولا يمكن أن يكون هناك تحليل سياسي ما لم يكن هناك وعي سياسي، وسنقدم في هذا البحث المتواضع أسباب قلة الوعي السياسي في مجتمعاتنا وطرح حلول لهذه الأسباب 

أسباب قلة الوعي السياسي 

  1. نقص في التعليم السياسي ضمن المنهاج المدرسي والجامعي 

من المعلوم لدى الجميع أن القراءة والاستماع من أفضل الطرق التعليمية قديماً أو حديثاً وفي وقتنا الحاضر أكثر مكان يقضي فيه الإنسان وقتاً في التعليم هو المدرسة والجامعة فهو يمكث في المدرسة ما يقارب 12 عامًا ولا يجب أن تُفوت هذه الفرصة من محاولة تشكيل قاعدة وعي سياسي للطلاب في المدارس وهذا الأمر الذي نفتقده في مدارسنا العربية بشكل عام ومدارس الشمال السوري بشكل خاص فغالبا ما تجد الطلاب في المرحلة الثانوية أو الجامعة -وقد بلغوا من العمر ما يمكنهم من فهم السياسة على المستوى المحلي على الأقل- مغيب عن بعض الشخصيات السياسية المعروفة و إن أتيت تناقشه في امر سياسي ما يقول ليس لي علاقة او لا أعلم وكل هذا نتيجة قلة الوعي السياسي في مجتمعنا. 

   ٢. انشغال أفراد المجتمع بالأمور الشخصية 

غالباً ما يكون لدى الفرد في المجتمع الذي يخوض اهتمامات شخصية كثيرة بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة وهذا يؤدي إلى الانشغال عن متابعة الأمور السياسية والتحليل السياسي والفهم العميق لسياسات الدول فيؤدي كل هذا إلى قلة في الوعي السياسي . 

٣.  تأثير وسائل الإعلام على قلة الوعي السياسي 

لا يخفى على أحد أن الإعلام في وقتنا الحالي هو أسرع وسيلة لطرح معلومة ما والحكم على أمر ما أيضاً وهذا ما يجعله سلاح ذو حدين ، فلا يطلق مصطلح قلة الوعي السياسي على الجهل السياسي إنما يطلق أيضاً على الفهم الخاطئ للأمور السياسية  فيؤدي إلى وعي سياسي مزيف وكما هو معلوم أن الإعلام ليس حراً كما يعتقد البعض وليس محايداً أيضاً وهذا ما ذكره الإعلامي المشهور الدكتور فيصل القاسم في أحد لقاءاته فقال ( ليس هناك إعلام لوجه الله، الإعلام هو عبارة عن ذراع سياسي والدليل أن الإعلام الأمريكي تملكه أربع عائلات فقط تديره حسب مصالحها، لا يوجد في العالم إعلام حر )( بودكاست ضيف شعيب) 

ورغم كل هذا لا يجب أن يهمل الإعلام من أجل زيادة الوعي السياسي فيمكن أخذ ما يُقتنع به من أفكار وترك ما دون ذلك ولا ينطبق هذا فقط في الأمور السياسية بل في شتى المجالات الأخرى .

  1. حلول لزيادة الوعي السياسي 
  2. المشاركة في النقاشات السياسية 

لا يمكننا الحكم على شيء أو فهمه إلى من خلال النظر إليه وتصوره من أكثر من زاوية وهذا ما تؤكده القاعدة الفقهية الشهيرة ( الحكم على الشيء فرع عن تصوره ) 

( فساد التصور يلزم منه فساد التصوير ) كما قال البشير الإبراهيم في كتاب الآثار 

لذلك إن من أفضل الطرق للتعلم والتعمق في القضايا السياسية هي المناقشات المختلفة المجدية مع أشخاص ذوي انتماءات مختلفة فبهذا الشكل يمكننا بناء صورة واضحة من مختلف الزوايا للقضايا السياسية بدلا من الحكم من زاوية أخرى ويمكننا أيضاً من توسيع حلقة أفكارنا .

٢. الاشتراك في مجموعات ومنظمات سياسية 

تلعب المنظمات والأحزاب السياسية دوراً هاما جدا في عملية التوعية السياسية المنظمات غير الحكومية الوجهة التي يفضلها المواطن بشكل عام وطلاب الجامعات بشكل خاص من أجل زيادة ثقافتهم السياسية وغيرها نظراً إلى استقلال تلك المنظمات وعدم تبعيتها لأي وزارة  أو حكومة فيمكنها أن تلعب دوراً مهما في زيادة الوعي السياسي عبر برامج التمكين السياسي وإخضاع فئات المجتمع إلى دورات تدريبية عن حقوق المواطنين وواجباتهم وأهمية مشاركتهم السياسية وحقهم في التصويت…. 

٢. قراءة الكتب والمقالات السياسية المختلفة 

يعتبر البحث والقراءة من أقدم الطرق للتعلم وما زالت مستمرة في العصر الحالي أيضاً فللقراءة جوانب إيجابية كبيرة في قضية الوعي ومن أهمها عدم وجود انقياد أعمى للمتلقي فلدى الإنسان القارئ وعي وفهم لما يقرأ أكثر من غيره ويكون في هذا مخيراً لا مسيراً ينتقي ولا يُجبر ويمكنه أخذ ما يقتنع به وترك ما دون ذلك لأن لا أحد ممن يكتبون بعيد عن الفهم الخاطئ غير المقصود أو المقصود فيجب أن يؤخذ بعض كلامهم الصائب ورد غير الصائب منه ومما ذكر عن الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه فقال ( كل يؤخذ منه ويرد إلا صاحب هذا القبر ) وأشار إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم. 

وتعتبر مكتبتنا العربية غنية بالكتب السياسية العربية أو المترجمة إلى العربية التي قد تكون مهمشة وأنصح بما يلي مما قرأت 

( رواية مزرعة الحيوان ) جورج أورويل 1903_ 1950م

( كتاب طبائع الاستبداد ومصارع  الاستعباد ) عبد الرحمن الكواكبي ١٨٥٥_١٩٠٢ م

( كتاب الأمير ) نيقولا مكيافيلي ١٤٦٩_ ١٥٢٧ م  

( كُتيب مفاتيح السياسة الشرعية ) ابراهيم السكران ١٩٧٦م 

_ كتب سياسية شهيرة يُنصح بقراءتها 

( كتاب اللغة والسياسة ) جورج اورويل ١٩٠٣ _ ١٩٥٠ م

( كتاب الدول الفاشلة ) نعوم تشومسكي ١٩٢٨م 

الخاتمة 

في ختام مقالنا هذا وكاستنتاجات عامة لموضوعنا فإننا نرى أن الوعي السياسي يلعب دوراً كبيراً في فهم الحياة السياسية وما يدور حولنا من أحداث، وقد كانت أسباب قلة الوعي السياسي كثيرة، وغالباً في زمن الحروب لا تأتي هذه الأسباب من فراغ أو يقودها القدر إنما هي أمور ممنهجة تحاك وتدار على المدى الطويل .

ولابد أن الأسباب والحلول لقلة الوعي السياسي أكثر مما ذُكرت في المقال فالمقام هنا ليس مقام تبحر إنما مقام إيجاز. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *