أيامَنْ تَنْهَشُ اللَّحما
وترمي دونَهُ العَظْما..
وتُمْسي مُتخَمًا بَطِنًا
يُكَدِّسُ جِسْمُكَ الشَّحما..
وتَشْرَبُ باردًا عذْبًا
ولا تعرى ولا تظما..
أليسَ لديكَ مِنْ ذِكْرٍ
لطاوٍ ناحِلٍ جِسْما..
وما بِيَدَيْهِ مِنْ قوتٍ
ويحيا يَوْمَهُ هَمَّا؟!
مَضَى مِنْ دارِهِ قَسْرًا
ذَليلًا نَفْسُهُ كَلْمى..
لأنَّ الدارَ مابَقِيَت
غَدت جدرانُها رَدما..
بحربٍ جدِّ ظالمةٍ
يَفيضُ أوارُها لُؤْما..
ولولا الْحَربُ ما أضحى
شريدًا حامِلًا غمَّا..
فلا تنسَ الَّذي أمْسى
يَعومُ على الرَّدى عَوْما..
ومنْ جوعٍ وأوْجاعٍ
عَلَيْهِ كادَ أنْ يُغْمى..
تَخَيَّلْ: أنتَ في خِيَمٍ
تُعاني البردَ والْحُمَّى..
تَصَوَّر: أنتَ في صيفٍ
تُعاني حرَّهُ جمَّا..
ولَيْسَ لَدَيْكَ مِنْ زادٍ؛
يصارِعُ جِسْمُكَ السُّقْما..
بلادي أصبحت قَفْرًا
تَئِنّ وتشتكي غُرما….
بلادي أدقعت فَقْرًا
وصارت لِلْوَرى شُؤما..
أيامَنْ يأكلُ اللَّحما
ويرمي دونَهُ الْعَظْما
مُروءَتُهُ تُناديهِ:
ألا كْنْ راحِمًا شَهْما..
فَهَلْ تَتَجاهَلُ الْبَلْوى
كأنَّكَ أطرشٌ أعمى؟!
وكيفَ تنامُ مُرتاحًا؟!
متى سَتَكونُ مُهْتَمًّا؟!
تذكّر إخوةً جاعوا
وصاروا لِلضَّنى مَرمى..
وقد كانوا بأبَّهةٍ
وَعَيْشٍ يُشْبِهُ الْحُلْما..
وماكانوا بِمَخْمَصَةٍ
ولا أطفالُهُمْ تَظْما..
وما باعوا كرامَتَهُمْ
وما أردَوْا بِهِمْ عَزْما..
ولَكِنْ جارَ ظالمُهُمْ
فَهَلْ مَنْ يدفَعُ الظُّلما ؟!