أ.بدري البشيهي
رُوحِي تُنَادي في الدُّجَى مَوْلَاهَا
وَبِهَا حَنِينٌ لِلَّذِي سَوَّاهَا
وَتَوَضَّأَتْ بالشِّعرِ في مِحرَابِهَا
فَتَكَحَّلَتْ بالمُنْتَهَى عَيْنَاهَا
وتدبَّرَتْ في الكونِ تنظرُ صُنْعَهُ؛
في الأرضِ شَمْسٌ، ما أجَلَّ ضُحَاها
بِسَمَائِهَا بدرٌ سَنَاهُ مُخَلَّدٌ
ما كَلَّ يَوْمًا عَنْ ضِيَاءِ مَدَاها
وَأَقَرَّ في عُمْقِ الرِّمالِ رَوَاسِيًا
كادَتْ تميدُ وتَنْمَحِي لَوْلاهَا
فِيها الجداوِلُ عَذْبَةٌ فَيَّاضَةٌ
نَضَرَتْ بها الجَنَّاتُ، ما أبْهَاهَا!
والبَحرُ فيه مَوَاخِر تجرِي على
مَوْجِ العِنَايَةِ، عَزَّ من أجْرَاهَا
والكائنَاتُ بهِ تسبِّحُ رَبَّها
تحتَ اللُّجَاجِ بِأَمْرِهِ أَحْيَاهَا
والطَّيْرُ صُفَّتْ في الفَضاءِ جَنَاحُها
في قَبْضَةِ الرّحْمَنِ ما أقَوَاهَا!
مَنْ مُمْسِكٌ حُبُكَ السَّمَاءِ بِكَافِهِ
مَنْ غيرُ ربي بالعِمادِ بَنَاهَا؟
سُبْحَانه عددَ البحارِ وما حَوَتْ
عددَ النجُومِ وما أَضَاءَ سَنَاهَا
عدَدَ الكواكِب تَرْجُمُ الجِنَّ الذِي
رامَ الصُّعُودَ فأحرَقَتْهُ لَظَاهَا
عدَدَ المشارقِ والمغارب كُلَّما
خُلِقَتْ نُجومٌ أو بَدَت أُخْراهَا
عدد المَجَرَّات التي كَثُرَت ْولم
يُحْصِ الورَى عَدًّا لهَا أَوْفَاهَا
عدَدَ الكلامِ كذا المعَاني كُلَّما
نَطَقَ اللسانُ مُسَبِّحًا أو فَاهَا
سُبْحَانَه، والأرضُ تشهدُ أنَّهُ
هُوَ ربُّها بَسَطَ الثَّرَى ودَحَاهَا
سُبحَانه، ما جَنَّ ليلٌ أو بَدَا
فجرٌ وَما نَزَلَ النَّدى وَكَسَاهَا
ما أشْرَقَتْ شَمْسٌ وما أفَلَتْ وما
عَادَتْ لِتَنشُرَ في الوُجُودِ ضَيَاهَا
ما غاضَتِ الأرحَامُ ما اكْتَمَلَ الذي
حَمَلَتْ به، سُبحانَ من أعطَاها
ما خَرّ عَبْدٌ في الليالي ساجِدًا
ما سالَ دمعٌ قد أضَاء دُجَاها
ما حَنَّ قلبُ العاشقين لنظرِةٍ
من وجْهِ أحمدَ كُحْلُها يَغْشَاهَا
ما رقَّ وَجْدُ المُغْرَمِين إذا خَلوانالوا كُؤُوسَ القُربِ ما أشْهَاها!