أ.رؤوف جنيدي

في ليلة غطتها سحابات الحب ورقائق الغرام. تلاطفني فيها نسمات رقيقات داعبت شوقي ووجداني. غفوت غفوة ناعمة الغروب. سقطت عندها جفوني. كمن أسدل ستائر النشوى عن واقع لا يريده. ذهبت أنا إلى حيث أذوب. وتركت جوارحي معها ولها. غلبني النعاس فاستسلمت وسلمتها أمري وإحساسي. تخدرت أوصالي وسمعي لم يفعل. بقي متقداً. تركتها وهي تشدو برائعتها…. (مسير الشمس من تاني … تنور فوق سنين عمري)

 راحت تنفث حريرها من حولي فتلفني بخيوط النغم. وانا أغيب. أغيب. حتى قوقعتني داخل محرابها الناعم نعومة صوتها. أفقت قليلاً. فتهادى إلى سمعي (وتصبح غنوتي تاني من تاني … وترجع فرحتي ف صدري) فتحت عيني بتثاقل كمن شرب خدرها وموسيقاها. نظرت بعينين غطتهما غشاوة المتعة. رأيتني مستلقياً وقد تمددت ذراعي الى جانبي. رأيت فوق رأسي أنبوباً معلقاً في سمائي. يضخ محلول الحب في شرياني. دققت النظر في قارورته. فإذا بها تتلألأ بداخلها. حورية تتراقص في سماء العشق. تسبح في ماء عيني. تشيح بشعرها الحريري فيسافر فوق أكتافي. فتهش به عن عينيي كل ما يعكر صبابتي ومنايا. وتحجب عنى كل ما لا أود رؤيته. تلقي الطرب بكفيها على رؤوس الحاضرين. فيزداد دفق المحلول في أوصالي. يسافر سمعي إلى كلماتها. وتنظر عيناي في الأنبوب. أسمع كلماتها تهبط على أذني. وأرى قطرات الوجد تقطر في شرياني. انتهت من نصف الأغنية. ففرغ نصف الأنبوب. أوشكت على الانتهاء من رائعتها. وأوشك المحلول على نهايته. قالت وهي تداعبني (مسير الحب هيجيبك … تشيل الفرحة لحبيبك).  (وحايجينى الربيع الأخضر …. شباب نشوان بيتمختر) اقتربت مني. وضعت يدها فوق جبهتي تتحسس حالي. وتقول وهي تودعني (مسير الشمس …… ياغالي)

حيَّت بيديها الجمهور وتوارت فنزعت الإبرة من شرياني. أسدل الستار بعدها. فنهضت من فراشي. تتراقص الدماء في عروقي. يومض جسدي. ترتعد جوارحي. وقفت أمام مرآتي. فإذا ببشرتي تعتليها بثور حمراء كوردات الربيع. سارت بجسدي رعشة خدرٍ وموسيقى.

فقلت: ما لهذا اليوم مختلف؟

قالوا: عيد الحب.

قلت: وهل من حبٍ دون صوتها؟

 قالوا: من؟

 قلت: القيثارة..

 قالوا: ومن القيثارة؟

قلت: نجاة …. التي تغنى دوماً على مسرح قلبي وعند مدخل شرياني….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *