عاش فقيرا وحيدا مريضا..
ومات شريدا مجهولا.. رفضت الكنائس إقامة الصلوات له.. لأنه مات منتحرا ..
نبذوه حيا وميتا..
وكانت المفاجأة بعد مماته بسنوات بأن لوحاته بيعت بملايين الدولارات.
انتظر العالم أكثر من مئة عام.. ليرى الجمال والإحساس الصادق في حقول القمح الذهبية والسماء الزرقاء الحانية ومياه البحر العميقة في لوحات فان جوخ.. حينها وصل سـعر لوحاته إلى ملايين الدولارات.
ترك الرجل- الذي يُعد أحد رموز المدرستين الانطباعية والوحشية- 2100 عمل فني من ضمنها 900 لوحة زيتية كانت نتاج مسيرة فنية استمرت لمدة 10 أعوام فقط، ولم يبع خلالها سوى لوحة واحدة حملت اسم “الكرم الأحمر”.
بدأ اهتمام فينسنت فان جوخ بالرسم في السابعة والعشرين من عمره. وبعدما تعلم ذاتيًا، ثم التحق بأكاديمية الرسم في بروكسل.. ومات في السابعة والثلاثين.. عشرة سنوات فقط كانت كافية ليضيف كل هذا الجمال للعالم..
ظهر “جوخ” في عصر كان الرسامون يرسمون الواقع كما هو.. وفي عصره كانت دقة الرسم هي مقياس الجمال.. بينما كان تدفق الإحساس مقياسه الخاص به..
هم رسموا ما رأته أعينهم.. وهو رسم ما رآه في عقله..
هم رســــموا الحقيقة.. وهو رســـم الخيال والحلم..
ريشته القلقة المضطربة جعلت معاصريه يسخرون منه.. ويقولون: أن لوحاته طفولية وغير متقنة. بينما كانت متقدمة على فهمهم وطريقتهم في التعبير..
هل كان العيب في لوحات فان جوخ وريشته المضطربة…؟
أم كان العيب في رؤية فان جوخ المتقدمة على عصره …؟
وهل كان العيب في معاصريه الذين لم يدركوا أن إعجابهم أو عدم إعجابهم باللوحات ليس مقياسا لمقدار جودتها

ظلموه وأهانوه وهجرته حبيبته لأنه لم يكن يشبه الآخرين ..
رحلت عنه بسبب إحساسه الطفولي.. فبات في حيرة….. يا تُرى ماذا يفعل ليثبت لها حبه.. فقام بحرق يده لتصدقه ..
وقطع أذنه وقدمها لها قائلًا: “اعتني بهذا الشيء جيدًا من أجلي “.
هاجمته الأمراض ولاحقه الخذلان وقضى عليه الهجران.. فلم يستطع صبرًا على ما آل إليه واختار أن يرحل تاركا عالما لم يشعر بوجوده يومًا… إلى عالم آخر أرحب وأوسع حتى يجد من يفهمه..
أمضى يومه الأخير وهو يرسم لوحته الأخيرة، معتبرًا أن فكرة اللوحة كانت على ما يبدو “رسالة وداع بالألوان من فان جوخ لعالم رآه ظالما له في كل الأحوال “.
مرت السنوات على رحيله.. وظهر من هتف قائلا.. يا إلهي:
” كم هو فنان هذا الرجل … هذا الرجل لابد وأنه شاعر رسام ”
واشتهرت لوحاته وبيعت بأغلى الأسعار.. لكن بعد أن مات صاحبها فقيرا محروما.. فقط لأن صدق نفسه.. ولكن لم ير الآخرون ما رآه هو فلم يصدقوه..
فكر وتأمل بإحساسه.. ورسم ما لم تستطع أعينهم أن تراه..
احتاج العالم سنوات طويلة لكي يرى.. ما رآه رجل وحيد مريض..
و في النهاية ماتت كل لوحاتهم.. وعاشت لوحات فان جوخ..
” إلى كل المهمشين الذين يؤمنون بأنفسهم ولا يصدقهم الناس …
نحن نراكم ونقف معكم ونعضدكم ونصدقكم.. “
ارتق بحياتك.. عبر عن أفكارك.. لا تنتظر أن يمدحك الآخرون لكي تستمر..
فقط استمر واعشق ما تعمل.. لأنك تحبه
والتقدير سيأتي حتما.. حتى وإن أتي في عصور لاحقة لا نستطيع بأعمارنا الفانية أن ندركه..

من admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *