أ.بيبو يوسف

مرحبًا بك أيها الزائر العزيز…
اختر ما تريد من القلوب: هذا مليح، والآخر على الحافة، خالٍ من العيوب. أما هذا، فهو بهيج ينبض مسرعًا، سيمنحك الحب الذي تريد. وهذا قليل الحظ لكنه محب للحياة، سيمنحك أوقاتًا سعيدة. وهذا معافى ينبض بصحة جيدة، سيمنحك حياة أطول بكثير من المعتاد… أمامك الكثير من الخيارات. فكر واختر ما شئت، يا عزيزي!

شردت عينه إلى الطاولة التي رُصَّت عليها القلوب. كلها تبدو حيوية وتفي بالمطلوب:
هذا يمنح الصحة، والآخر يجعلك تذوب في الغرام بلا مجهود، وهذا سيجعلك تبتسم طوال العمر… لكنه لم يشعر بالرضا تجاه أي قلب معروض. كان يشعر أن ثمة شيئًا ناقصًا، رغم ما يبدو من الكمال، حتى اصطدمت عينه بهذا القلب.

كان القلب يتوسط الطاولة، يُعرض مباشرةً أمام البائعة المبتسمة، لكنه بلا أدنى حياة. كان شاحبًا، وكأن الدماء قد سُحبت منه. أزرق، عروقه نافرة تستنجد بالقليل من الهواء، ينتفض نبضه المجهد وكأنه يحتضر أو يصرخ طالبًا الحياة.

نظر إليه مليًا وقال:
– وماذا عن هذا؟

اختفت الثقة من ملامح وجه البائعة. اهتزت واحتل التوتر تفاصيل وجهها.
قالت بنبرة مرتعشة وهي تحاول أن تخفيه:
– هذا… هذا ليس للبيع. إنه قلب معطوب.

رد بابتسامة غريبة:
– هذا جيد، أريده.

اكفهر وجهها وقالت بحدة ملحوظة:
– ألم تسمعني؟ هذا ليس معروضًا للبيع!

– أعلم، لكنه أعجبني، وأريده.

ارتسمت على وجهها علامات الدهشة والاستفهام:
– لكنه لم يرده أحد من قبل. إنه قلب معطوب… قليل الحظ… لم يحبه أحد. بالكاد يحيا، وابتسامته بالكاد تقفز على السطح. ما الذي تراه فيه لتتشبث به إلى هذا الحد؟

كان يراقب تفاصيل وجهها، وكيف أن خلف حدتها المعلنة، خوف ينهش ثنايا قلبها. قال بابتسامة مطمئنة:
– أرى أنه يستحق فرصة. إنه يحمل الكثير من الحياة، لكنه كفر بها لسبب ما. ربما لأن أحدًا لم يدرك قيمته… لكنه قلب عادي يحمل الكثير من الحب والحياة، وأحيانًا الكثير من الجنون والحزن. مثله مثل الحياة.

ثم أضاف:
– إنه ليس مثاليًا يا عزيزتي، وكذلك نحن. وهذه طبيعة الحياة… لا تسير على خط مستقيم، بل تتموج على الكثير من النغمات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *