قَد ضَلَّ مَن كانَتِ العُميانُ تَهديهِ!!

كل مؤسسات الثورة لا تخلو من وجود فاسدين في صفوفها، وبعض هؤلاء الفاسدين يحتل الصف الأول فيها!!
ولمّا طرحت السؤال الآتي على بعض القائمين على هذه المؤسسات:
لِمَ لا يقوم المسؤولون في هذه المؤسسات على غربلة المنتسبين إليها، وإخراج الفاسد منها؟! أولا يعلمون بحال هؤلاء؟!
حينئذ تلقيت ثلاث إجابات لها ما وراءها!!
فأحدهم أجاب: هم لا يعلمون بفساد هؤلاء؛ فحالهم قد خفي عليهم فهو مستور، ولو ظهر لأخرجوهم من بين الظهور ومن الظهور!
والآخر قال: حال فسادهم لا يخفى فهو مشهور، ولكنهم يتسترون عليهم ويكتمون فسادهم في الصدور؛ لأنهم السواد الأعظم في هذه المؤسسات، وإزالتهم من صفوفها يؤدي إلى سقوط المؤسسة!!
والأخير أنكر وجود الفساد أصلًا، ووصف القائمين في هذه المؤسسات بأنهم صالحون مصلحون، والناس تمشي آمنة مطمئنة !
فأقول للأول:
لا عذر لمسؤول غفل عن حال مَن حوله، ولم يجتهد في تتبع أحوالهم وأفعالهم، بل لا يصلح للقيادة مَن هذا حاله (مغفَّل)؛ فالأب مثلًا إذا غفل عن رعيته، ولم يتحسّس العلاقات غير الشرعية التي تجري في بيته، والمياه القذرة التي تمشي من تحته وهو نائم، فليس بأهل للقوامة .
وأقول للثاني:
واهمٌ من يظن في التغافل عن الفاسدين مصلحة وحكمة تكمن في الحفاظ على مؤسساتنا من الانهيار، وعلى سمعتنا الثورية من السقوط، فلا نظهر غسيلنا الوسخ على السطوح.
إن المؤسسات التي يقوم فيها وعليها الفاسدون ستسقط يومًا ما إذا لم يُخرَج منها هؤلاء الذين (لَوۡ خَرَجُوا۟ فِیكُم مَّا زَادُوكُمۡ إِلَّا خَبَالࣰا وَلَأَوۡضَعُوا۟ خِلَـٰلَكُمۡ یَبۡغُونَكُمُ ٱلۡفِتۡنَةَ )، أي هؤلاء منافقون اندسوا فيكم لدنيا يصيبونها، وليسوا معكم بقلوبهم ولا يُعَوَّل عليهم في خير وبناء، بل خروجهم في صفوفكم خطر عليكم وفساد عريض، فأخرجوهم فهم كالسوس الذي ينخر من الداخل فيتداعى البناء وينهار.
فإن الجرح ينغر بعد حين *** إذا كان البناء على فساد
وما هذه المؤسسات التي سرعان ما تنهار بسقوط الفاسدين فيها !!! إنها إذًا لم تُؤسَّس على تقوى من الله ورضوان بل أُسّست (عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارࣲ فَٱنۡهَارَ بِهِۦ فِی نَارِ جَهَنَّمَۗ )، فلتسقط كل مؤسسة سوادها من الفاسدين .
وأما الأخير الذي أنكر وجود الفساد والفاسدين ووصفهم بالصالحين والمصلحين، فما أراه إلا أعمى لا يرى، والعميان نوعان؛ أعمى البصر: ولا عجب منه إذا أنكر سواد الليل أو بات لا يميز الظلام من النور .
والأعمى الثاني وهو الأخطر أعمى البصيرة، فله عين تبصر ولكنها لا تهديه إلى الحق وإلى التمييز بين الألوان بين الظلام و النور (فَإِنَّهَا لَا تَعۡمَى ٱلۡأَبۡصَـٰرُ وَلَـٰكِن تَعۡمَى ٱلۡقُلُوبُ ٱلَّتِی فِی ٱلصُّدُورِ)
الخلاصة:
لن تقوم لنا قائمة ولن نُمكَّن في هذه الأرض، ما دام يقودنا :
المغفَّل
والمتغافل
وأعمى البصر
أو أعمى البصيرة
أَعمى يَقودُ بَصيراً لا أَبا لَكُمُ ! *** قَد ضَلَّ مَن كانَتِ العُميانُ تَهديهِ!!

الدكتور شادي صلاح محمود

من admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *