أ.روضة محمد
الإنسان قد تأتيه فرصةٌ ولمرّةٍ واحدةٍ في هذه الحياة، وما يتبقى مجرّد محاولاتٍ لا أكثر، كامرأةٍ تلتقيها مصادفةً في محطة القطار، يشدُّك جمالها الساحر، تثيرك تفاصيلها الناعمة، تُعجبُ بلون عينيها الواسعتين، تُحدّثُ نفسك كيف لهذا الجمال أن يمشي على الأرض؟!
وكيف تستطيع فتاةٌ رقيقةٌ مثلها أن تحمل الكتب بين ذراعيها؟!
وحينما تقررُ فتحَ بابٍ للحديث معها، والتّعرف عليها ولسببٍ ما؛ وتلافيًا للإحراج أمام الجمهور المشاهد، تقوم أنت وبكلّ ذكاءٍ -عزيزي المعجب- برمي ورقةٍ صغيرةٍ،كُتبَ فيها رقم هاتفك، قد لايعنيها الأمر، فتتجاهلها (الورقة) وتتجاهلك، وهذا سيكون من سوء حظّكَ.
لكن ماذا لو رأتْها؟!
ماذا لو أحسّتْ كما أحسستَ أنتَ؟!
سيكون يومَ سعدِكَ لا محالة.
ستمثل -كعادةِ معظمِ البنات- أنّها أوقعتِ الكتبَ من بين يديها، أو أن حذاءها يحتاجُ لإصلاح رباطه، تخطفُ الورقةَ بخفّةٍ لصٍّ، فالسرقة في شرع الحبّ حلالٌ، ثم تقبض عليها بيدها، ولأنها سترتبِكُ نتيجةً لحركاتها العفويّة، واحمرار وجنتيها، ستظن أنّ الرّكاب قد لمحوها، ستعتصر الورقة أكثر بين أصابع يدها وتلتفت يمنى ويسرى لعلّ أحدا لم يلمحها، لكن ليس هذا ما يعنيها، كرمى له ولعينيه الساحرتين، فلتعرفْ الأمةُ قاطبةً، فهو فرصةٌ، والفرصة قد لا تتكرر مرتين.
عند المحطة الأولى، ستنزل ليلى من القطار، منتشيةً.. مزهوةً بنفسها وكأنّها أكلت الذئب وأحفاده السبعة، وتظن أنّها وجدتْ فرصةَ عمرها وحبّها الضائع، وحينما تصلُ منزلها وتفكر بالاتصال بكَ، سيخبرها مركز الاستعلامات أن ” الرقمَ خاطئٌ،” أو” غير موضوعٍ بالخدمة بعد،” ستلعنُ حظّها العاثر، وتُصابُ بخيبةِ أملٍ كبيرة، في الوقت الذي تحلم فيه أنتَ…
متى تتصل ليلى؟
وكيف سيكون صوتها؟
ستعيش بقية َحياتكَ على قيد الانتظار، لعلّ فرصةً أخرى تأتيكَ…لكن هيهات
وشتان ما بين الشعورين:
منكسرٌ عاش خيبةَ الأملِ، ومتتظرٌ يعيش على أمل.
المحظوظون فقط من تلوّح لهم الفُرَصُ مرّة أخرى.
لذلك؛ اغتنمها،وتأكّد من صِحّة الرَّقم عزيزي المشترك.