الكاتب/ د. زكريا ملاحفجي

حكمت عائلة الأسد سوريا قرابة خمس وخمسين سنة، وحكم حزب البعث السوري لمدة 61 عاماً منذ انقلابه..!

وبحسب دستور البلاد، سيظل بشار الأسد في السلطة حتى عام 2028، وبحلول ذلك الوقت سيكون قد أمضى 28 عاما في رئاسة البلاد.!

 ولا يوجد ما يشير إلى أنه سيترك الرئاسة طوعاً حينئذ، ومن المرجح أن يجد سبلا للبقاء في السلطة لفترة أطول، مالم تُطِح به أو تنحيه الظروف الدولية أو الانفجارات الداخلية، لاسيما ازدحام سورية بالقواعد العسكرية الدولية، وفي ديسمبر 2015، اتفق العالم على إنهاء الإرهاب في سورية، لكنهم لم يتفقوا على الحزم بإنهاء الأسد، فوُلد القرار 2254 الذي ينص على تغيير في سورية، ويقر بحق السوريين بالتغيير لكن دون آلية إلزام جدية حقيقية.

المطالب السورية والنضال من أجل الديمقراطية قوبلوا بعنف النظام والخطوط الحمراء الدولية، أو بمشاريع لا وطنية منها راديكالية دينية ومنها قومي انفصالي.

ورغم تصنيف الأمم المتحدة لهذا الأمر بأنه جريمة ضد الإنسانية، وأن النظام ارتكب جرائم حرب إلا أنّه تُرك رغم حربه على شعبه منذ عام 2012، حيث هاجم النظام بشكل منهجي أهدافًا مدنية مثل المستشفيات والمدارس، واستخدم الأسلحة الكيميائية ضد سكانه من أجل كبح جماح الأصوات المعارضة.

لقد دفع المدافعون الشجعان عن حقوق الإنسان الذين يطالبون بالديمقراطية وحرية التعبير والعدالة في سوريا ثمناً باهظاً. فمنذ عام 2011، اختفى أكثر من 100 ألف شخص معارضين للنظام بسبب نشاطهم الشخصي، أو نشاط أفراد أسرهم، أو لمجرد اعتبارهم ينتمون إلى المعارضة.

وبالطرف المقابل تكرست مؤسسات المعارضة بيد قلة من المعارضين الذين لا تنتهي رئاستهم طيلة 13 عاماً.!

دون تدوير حقيقي للنخبة السورية لاسيما الشابة منها التي هي اليوم أكثر نضجاً ووعياً وجرأة وفهماً لديناميات الصراع وتعقيداته.

فهل الرئاسة التي لا تنتهي باتت قدر السوريين، علماً ليس للحالة الراهنة مثيل بتاريخ سورية المعاصر ولا بتاريخها الماضي ولا أي حاكم حتى من بني أمية حكم فترة مثل حكم الأسد الأب أو الابن.

وبات اليوم هناك رعاة دوليين للأطراف بسورية، تقوم بتثبيت الحالة الراهنة بظل غياب حل ينهي معاناة السوريين كل السوريين من عذاباتهم.

قال مدير الأبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ديفيد أديسنيك، إن محادثات السلام التي تقودها الأمم المتحدة بشأن سورية لم تُظهر أي علامات على قابليتها للاستمرار في السنوات الأخيرة.

وأضاف في تصريح “يكتفي النظام بخلق وهم التعاون من خلال إطالة المحادثات إلى ما لا نهاية، ولا يشعر الأسد بأي ضغط حقيقي يدفعه إلى الرضوخ لاسيما بعد أن رحبت جامعة الدول العربية بعودته إلى صفوفها، على الرغم من فظائعه المستمرة وافتقاره التام إلى الندم”.

ففي العام الماضي، أعادت جامعة الدول العربية عضوية سورية بعد تعليق دام ما يقرب من 12 عاماً بسبب حملة القمع الوحشية التي شنتها حكومة الأسد على المتظاهرين المناهضين للحكومة في عام 2011. كما أعادت العديد من الدول العربية في المنطقة علاقاتها مع الأسد في السنوات الأخيرة، بما في ذلك الأردن والإمارات العربية المتحدة والبحرين وغيرها.

أقول إن دعم النظام بشكل مستمر أمر لن يتحمله حلفاؤه، وتوقف السوريين عن الاحتجاج بكل صوره لن يتوقف، والأمر اليوم هو مسألة وقت لننهي هذه الأبدية لهذا النظام وهذه الرئاسة التي لا تنتهي

فالأمر بالنهاية إمّا تطول عمر هذه الرئاسة الأبدية فتكبر خسارة حلفاء هذا النظام وتكبر خسارة السوريين، أو تقصر الفترة فتقل خسارة حلفائه وتقل خسارة السوريين فهذا النظام هو خسارة حتمية بكل الأحوال لأعدائه وأصدقائه فإما تكبر بإطالة أمد الحل أو تصغر بإنشاء الحل.

وبما يعيشه حلفاء النظام اليوم من ضغوط وحروب دولية، وطول أمد للصراع دون قدرتهم على حسمها لصالحهم، فكبرت الضريبة وبدؤوا يطالبوا النظام ذاته المفلس اليوم بفواتير المعركة.!

ورغم كل الظروف القاسية لكن بات انتهاء هذه الرئاسة الأبدية قريباً

زكريا ملاحفجي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *