أ. بيان صباغ
استيقظت سورية صباح الثامن من كانون الأول من دون بشار الاسد، أعلنتها القنوات الإعلامية المحلية والعربية والعالمية معلنة بها فرحة الشعب السوري بتحرير سورية من الحكم الدكتاتوري للعائلة والنظام الاسدي، توقيت صدحت فيه الزغاريد وهللت القلوب وانقشعت الغمامة عن أفئدة الملايين معلنة فيه بداية سورية الجديدة وبدأت تتشكل حكومة بوزارات جديدة وكان يجب تطهيرها من بقايا النظام البائد أولها وزارة الخارجية السورية ، كونها الواجهة المشرفة لسورية الجديدة، بالنظر إلى التاريخ نرى أن تجربة ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية الذي أعلن فيه انتهاء الحكم النازي أول ما قامت به هو اعادة هيكلة وزارة الخارجية تضمن ما يلي
تطهير كوادرها: حيث راجعت سجلات العاملين في الوزارة لتتخلص من أي موظف مرتبط بالحكم النازي.
جعلت الدبلوماسية الاقتصادية من أولوياتها: حيث إن بناء الاقتصاد هو أولوية لإعادة بناء أي دولة أنهكتها الحرب من خلال جذب استثمارات اجنبية متنوعة المصادر.
ركزت على الاندماج الدولي: حيث سعت لانضمامها إلى منظمات دولية مثل الأمم المتحدة وحلف الناتو من أجل تعزيز صورتها ومكانتها الدولية.
ولا يخفى علينا اليوم أن وزارة الخارجية السورية في عهد النظام المخلوع كانت تدار بواسطة أجهزة الأمن والاستخبارات وأن كل موظف فيها هو موظف بناء على الولاء لعائلة الاسد والمحسوبيات وليس بناء على الكفاءة ، وأن كل السفراء السوريين على مدار العقود السابقة كانوا يرعون مصالح نظام عائلة الاسد فضلاً عن مصالح الشعب السوري أو سورية كدولة ، كانت تلك السفارات مسخرة لمراقبة المعارضين أو المواطنين السوريين المقيمين بالدول الأخرى ورفع تقارير أمنية بشكل دوري ومهمتهم الأساسية الترويج لرواية النظام وتبرير قمع الثورة السورية،
لم يكن هناك اي انفتاح اقتصادي أو ثقافي بسبب تلك السياسة التي انتهجتها وزارة الخارجية وإنما اقتصرت على الاهتمام بعلاقات إقليمية ضيقة مثل دعم محور إيران وحزب الله اضافة للعلاقات مع الدول الموالية للنظام مثل روسيا والصين متجاهلة بناء علاقات متوازنة مع الغرب والدول العربية، نحن اليوم أمام مهمة صعبة ولكن ليست مستحيلة في إعادة هيكلة الوازرة الخارجية ، لأن على مدار عقد ونيف من الزمن نمت كفاءات متعددة في مجال العلوم السياسية والعلاقات الدولية منتظرة هذه اللحظة، اللحظة التي يستثمر بهذه الكفاءات المتعددة، فما ينبغي علينا التركيز عليه في هذه اللحظة هو :
حصر الكفاءات الوطنية المؤهلة من خلال جمع معلوماتهم وتقييمهم وتأهيلهم كي يكونوا قادرين على تمثيل مصالح سورية الجديدة بفعالية والدفاع عن سيادتها، وكذلك المنشقين ذوي الخبرات.
عبر هيكل تنظيمي جديد قادر على توزيع المهام والمسؤوليات وإدارة الموارد المالية والبشرية بأقل التكاليف التي تحقق الأهداف.
رؤية وهدف استراتيجي واضح لتحقيق خطة الدولة المتكاملة على المدى القصير والبعيد
إنشاء معايير شفافة لتعيين دبلوماسيين أكفاء بعيداً عن المحسوبيات والاعتبارات غير المهنية
إعادة الثقة الدولية من خلال تعيين سفراء يمثلون الشعب السوري من أجل تصدير صورة جيدة عن سورية الجديدة مع القدرة على المرونة مع المتغيرات الدولية
أن تكون وزارة الخارجية ذات سيادة مستقلة مع ترسيخ استقلالية العمل الدبلوماسي بعيداً عن أجهزة الأمن.
الوزارة الخارجية سابقاً كانت أداة لخدمة النظام الدكتاتوري وليس الشعب السوري لذلك بناء وزارة الخارجية يتطلب جهوداُ جبارة وتكاتف الجميع لإصلاح هذا الخلل من أجل إعادة بناء العلاقات الدولية بناءً على القيم الوطنية والديمقراطية والمصالح الحقيقة التي تخدم سوريا شعباً ودولةً ولأن الدبلوماسية ليست أداة لإدارة العلاقات الدولية فقط، وإنما لبنة أساسية لبناء وزارة خارجية قادرة على إعادة سيادة الدولة وتمثيل مصالحها والدفاع عنها، وذلك من خلال سياسات واضحة مهنة استراتيجية.
بيان صباغ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *