أ.معاذ براقي
تعد هذه المشكلة أخطر ما يمكن أن تتعرض له المجتمعات لكونها دليلاً على سوء الأحوال المعيشية ناهيك عن نتائجها السلبية على المجتمع مثل انتشار الجهل والتسول ونتائجها الكارثية التي تظهر في المستقبل القريب والبعيد.
التسرب المدرسي:
تُعرف ظاهرة التسرب المدرسي على أنها انقطاع الطالب عن الدراسة وعدم إتمامه لها. وتعد أحد الظواهر الخطيرة المنتشرة كثيراً في الشمال المحرر إذ تؤثر بالأطفال سلباً وتعيق نمو المجتمع وتطورِّه في مختلف مجالات الحياة. ومن أجل معالجة ظاهرة التسرب المدرسي، لا بد من تسليط الضوء على العوامل المؤدية إليها.
أسباب التسرب:
تتركز الأسباب الرئيسة للتسرب المدرسي للأطفال فيما يلي:
- تردّي الأوضاع الاقتصاديّة : تُعد الأوضاع الاقتصادية طرفاً رئيسياً في انتشار هذه المشكلة والتي منشؤها التهجير القسري الذي يمارسه النظام على الشعب السوري منذ عقد ونيف من الزمن وعدم وجود مدارس بكفاءة جيدة وكوادر كاملة وإهمال بعض المنظمات الإنسانية لهذا الجانب . و تكاليف المستلزمات المدرسية العالية، والحاجة إلى دروس خصوصية في كثير من الأحيان يزيدان من تكلفة التعليم بدرجة كبيرة مما يثقل على أهالي الطلبة، ولا سيما في حال وجود أكثر من طالب في العائلة.
- نقص التأهيل للحياة الزوجية : وهناك تسرب للأطفال نتيجة لتفرق الأبوين وتخلي كلا الطرفين عن واجبه نحوهم وهذا نتيجة لقلة الوعي والزواج المبكر وعدم وجود دورات تدريبية للتأهيل الأسري.
- عمالة الأطفال : إنّ سوء الأحوال الاقتصادية يدفع الكثير من الأهالي إلى استغلال أبنائهم بالعمل بدلاً من إعطائهم حقهم في التعليم؛ ليستعان بهم على سوء الأحوال فيمكن لك أن تشاهدهم في سوق العمل وفي مكبات النفايات وفي الطرقات يمارسون التسول وهذا الأمر يعود سلباً على الأطفال والمجتمع.
- الإهمال في المدارس: ينتشر الإهمال في المدارس غير الخاصة التي تحت إشراف المجالس المحلية فيما يخص موضوع التسرب المدرسي. وذلك نتيجة لعدم اكتراث كثير من المعلمين والمديرين والموجهين في المدارس فضلاً عن إدارة المجالس المحلية حيال تسرب الطلاب وتشردهم كونه أصبح باعتقادهم أمراً طبيعياً في مجتمعنا، أو أمراً لا يخصهم مباشرةً، أو ليس أولوية عندهم.
- اليتم : مجازر النظام والقتل الذي لم يتوقف منذ أربع عشرة سنة أدى لوجود عدد كبير من الأيتام ومجهولي النسب.
- المبادئ التعليمية الخاطئة: يفضل الكثير من المدرسين مؤخراً اتّخاذ الطريق الأسهل في مساعدة الطلاب المتفوقين، ويترافق ذلك بتناسي المعلمين لدورهم الأساسي في دعم الطلاب الأقلّ حظاً، ما يسبب الفشل المتكرر للطالب الأقل حظاً وفهماً وبالتالي يؤدي إلى التسرب.
- زواج القاصرات: يعد زواج القاصرات من المشكلات المنتشرة في المجتمع السوري عامةً والشمال المحرر خاصةً، بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة والتهجير المتكرر، فيلجأ الأهل إلى تزويج بناتهم.
مخاطر التسرب :
يترتب على التسرب المدرسي العديد من المخاطر، منها:
- ارتفاع معدل الجريمة: فالجهل يجعل الأطفال عرضةً لمواقف قد تجعل منهم ضحايا سهلة المنال للمجرمين، و تزرع في أنفسهم مبادئ خاطئة تدفعهم ليصبحوا مجرمين ومتطرفين مستقبلاً.
- ونشوء أفراد متعصبين غير متقبلين للآخرين.
- جعل الأطفال عرضة للانحراف والأمراض النفسية والجسدية.
الحلول المقترحة:
تكمن الحلول في يد المتنفذين وإدارات المجالس المحلية وبيد الفصائل العسكرية المسيطرة على المنطقة ، فيجب وضع قوانين واضحة، وعقوبات شديدة لكل من يمنع طفلاً من إكمال تعليمه.
وتكمن الحلول أيضًا بإنشاء مدارس داخلية للمشردين من الأطفال وللأطفال مجهولي النسب والأيتام .
ومنع ظاهرة التسول.
وضرورة أن يكون التعليم مجانيًا بدعم من المنظمات الإنسانية المحلية وتوجيه القسم الأكبر من مشاريعها الخيرية لدعم التعليم .
ومتابعة المدرسين للطلاب جميعهم بنفس الدرجة من الاهتمام.
وتوفير رواتب تتناسب مع جهود المدرسين المبذولة، وذلك حرصاً على جودة عملهم، ومنعاً للدورس الخصوصيّة عامةً.
وتفعيل عقوبات صارمة فيما يخص عمالة الأطفال وزواج القاصرات لمنع الأهالي من استغلال أبنائهم.
وتحسين الوضع الاقتصادي العام للمهجرين .
وتوفير فرص عمل للخريجين الجدد، من خلال إنشاء مشاريع إنتاجية في المنطقة ممّا يعطي دافعاً للأطفال وذويهم للاهتمام بالعلم والدراسة.
وفي الختام، إن أطفالنا جيل المستقبل يستحقون منا جميعًا مزيدًا من الرعاية والاهتمام بهم تعليميًا لإكسابهم الوعي الذي يحررهم من التخلّف والجهل والاستبداد والجريمة والإرهاب، وتمكينهم في المهارات التي تجعلهم قادرين على خدمة مجتمعهم وبنائه.