قراءة في كتاب: الشباب العربي
أزمة هوية ومستقبل مهدد
تناول الكاتب الأستاذ يحيى السيد عمر، قضايا الشباب بالشرح والتحليل، من تعريف الشباب ونسبتهم في الوطن العربي ونسبة الأمية المرتفعة، والبطالة وأزمة الهوية والوعي والتمكين وعزوف الشباب عن العمل السياسي والعمل بالشأن العام، وأثر الربيع العربي على الشباب وخيبتهم، وأسباب فشل الربيع العربي، وهجرة العقول باحثة عن ذاتها ووجودها، كما قدم أفكاراً مهمة للحلول، أو لفت انتباه إلى المشكلات للتفكير في حلها على الأقل.
كما تطرّق الكاتب لظاهرة صراع الأجيال. مبيناً المفاهيم المرتبطة بهذه الظاهرة. وموضحاً أسبابه من وجهات نظر متعددة ثقافية، واقتصادية، واجتماعية، وسياسية، ومنوهاً بآثار هذا الصراع ونتائجه على البيئة الاجتماعية العربية.
كما عرّج الكاتب بشكل مهم ومستوفي موضوع الوعي لدى الشباب بشقيه الفردي والجمعي، لا سيما السياسي منه. دارساً الحاضنة الثقافية والاجتماعية المولّدة لهذا الوعي، وموضحاً للعلاقة بين الوعي السياسي والمشاركة السياسية، ومنوهاً بالآثار السلبية المرافقة لتراجع الوعي الجمعي السياسي العربي.
ثم موقف الشباب ودورهم في الربيع العربي، وأسباب فشل ثورات الربيع العربي ولخصها بــ :
– انكفاء النخب الفكرية العربية وتراجع دورها.
– غياب البيئة الحزبية.
– ضعف التنظيم.
– ضعف التنسيق بين القيادة والثورة عبر تشكيل مجالس وطنية في الخارج والشباب هم في الداخل.
– غلبة التيارات الإسلامية والإسلام السياسي على المدنية وهذا أظهرها ثورات دينية.
– سيطرة المال السياسي.
– غياب رجال الأعمال فدفع الشباب إلى التمويل الأجنبي.
فمَن أراد النظر للمستقبل عليه النظر إلى الشباب. فهم عنوان الحاضر وأساس المستقبل. وهم الاستثمار الأنجح، فكل استثمار قائم على احتمالية الربح والخسارة إلا الاستثمار في الإنسان، لا سيما في الشباب فهو ربح حقيقي لا خسارة فيه.
وأعتقد أحوج ما نكون اليوم إلى قراءة معمقة وجدية لواقع الشباب ومشكلاتهم الكثيرة، والسعي الحثيث كحكومات وحركات وأحزاب ومنظمات مجتمع مدني تعمل لتعزيز الوعي لدى الشباب لاسيما الوعي السياسي والجماعي، والمشاركة السياسية، وتمكين الشباب سياسياً واقتصادياً وعلمياً ومهنياً، ليأخذوا دور حقيقي وفاعل وجاد، لاسيما الدول العربية تعيش حالة تعثر وتُصنف من الدول النامية، ونحتاج الاستفادة من تجارب الآخرين ونهضتهم، وهذا يحتاج مننا جدية حقيقة بالاهتمام، وأعتقد بأنّ هذا الكتاب مهم لمن يبحث بجدية ونية صادقة في التركيز على الشباب من أجل النهوض.
لاسيما بتعدد العقبات والتحديات التي تواجه الشباب العربي، وما يميز هذه العقبات والتحديات أنها متداخلة مع بعضها البعض ولا يمكن فصلها إلا في الإطار النظري.
كما تعاني الهوية الثقافية العربية لدى الشباب من تراجع ملحوظ، وتلعب العولمة وضعف الانتماء الاجتماعي الدور الأبرز في هذا التراجع.
ولا يمكن ربط مشاركة الشباب في الحياة السياسية بتسليمهم حقيبة وزارية أو منصباً هنا أو هناك، فالعبرة في المشاركة الحقيقة لمساحة كبيرة للشباب بدور في انتخاب ممثليها.
كما يعاني الوعي الجمعي العربي السياسي من تراجع واضح، لاسيما انشغال الوعي الجمعي العربي منشغلاً بالقضايا المعيشية والأمنية بظل ما تعيشه أغلب الدول
وقد خلُص الكاتب في هذه الدراسة إلى جملة استنتاجات مستندةً على مقاربة علمية للواقع الحالي للشباب العربي. وهادفةً لإحداث تغيير جوهري وعميق في هذا الواقع. علّ هذه الاستنتاجات تكون نقطة انطلاق نحو مستقبل أفضل للشباب ومن خلفهم المجتمع العربي بالكامل.
إنّ الفهم الأعمق والأكثر دقةً للشباب ينطلق من المقاربة السيكولوجية. فهذه المقاربة أكثر دقةً من العمرية. فالنظر إلى الشباب وفقاً للمعيار السيكولوجي يتيح إمكانية معالجة مشكلاتهم بدقة أعلى من النظر إليهم كشريحة محددة بمجال عمري فقط.
يعتبر إشراك الشباب العربي في أي مشاريع تنموية لا سيما المستدامة منها شرطاً رئيساً لإنجاحها. وأي إقصاء لهم عنها يشكل قصوراً تزداد حدته طرداً مع درجة الإقصاء. والتشاركية هنا لا يقصد بها التنفيذية فقط. بل يجب إدخالهم بفاعلية من خلال عمليات التخطيط لمشاريع التنمية. فالاشتراط بمشاريع التنمية بقناعة منخفضة لا تختلف من ناحية النتيجة عن الإقصاء.
فهناك تطور واضح في البنية النظرية لبرامج التمكين الموجهة للشباب العربي. إلا أن هذا التطور لم ينعكس على الناحية العملية. فالفجوة واضحة بين النظرية والتطبيق في هذه البرامج. وغالباً ما تعكس هذا البرامج قناعة القائمين عليها دون الأخذ بعين الاعتبار رأي وقناعة الممكن لهم وهم الشباب.

زكريا ملاحفجي

من admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *