●لينا بغدادي
بعد يوم عمل شاق انتهى اليوم أخيرا ، لملمت أشياءك و أقفلت ادراج مكتبك ثم خرجت من مكتبك متوجها إلى السوق ، في الطريق تذكرت قائمة الطلبات التي أرسلتها لك زوجتك على الواتس ، تفحصت المال الذي في جيبك فوجدته غير كاف لكل ما تريد شراءه ، ثم توجهت نحو الصراف الآلي ووقفت في انتظار دورك ، وبعد دقائق من الانتظار جاء دورك ، أدخلت بطاقة حسابك المصرفي في مكانها ثم ضغطت على أرقام شيفرة الحساب وفجأة ظهر لك على شاشة الصراف عبارة (لا يوجد رصيد) ، عبارة نزلت على مسامعك كالصاعقة، تنحيت عن الدور ليأتي الشخص الذي يقف وراءك ثم وقفت في زاوية الشارع مستذكرا متى كانت آخر مرة أودعت المال في حسابك وكم أنفقت حتى وصل رصيدك إلى الصفر ….؟؟؟
عليك دائما أن تودع لتكون قادرا على السحب هذه هي سياسة الحياة بأسرها ورغم ذلك لا زلنا نعتمد سياسة الأخذ دون العطاء واستثمار رصيدنا عند الآخرين وكأنه لن ينفذ أبدا لا بل وأحيانا نأخذ ولا نودع ونتعجب من انتهاء الرصيد..
كثيرة تلك العلاقات التي انتهت لأننا كنا نعول دائما على رصيدنا عند الآخرين، ذلك الرصيد الذي قد منح لنا دون إيداع وبقينا نسحب منه كما نشاء وكأنه لن ينضب ولن ينته ثم نفاجأ يوما بأن العلاقة قد انتهت …
نحن عقلانيون جدا عند تعاملنا بالأمور المادية ولكن عندما يصبح الأمر متعلقا بالأمور المعنوية والمشاعر والعلاقات فنحن غير عقلانيين أو منطقيين، بطاقة البنك لن تمنحك النقود إذا لم تودع المال، لكن البشر بطريقة ما عليهم أن يمنحوك ما تريد دون توقف لأن رصيدك غير محدود لديهم، هي علاقات الحب والعائلة والصداقة والقرابة جميع العلاقات لا تخضع لحسابات الصراف الآلي رغم أنه من الأولى أن نهتم بهذه الأمور قبل الأمور المادية،
نطلب الحب والمزيد منه دون أن تمنحه ونعتبره حق مكتسب بسبب وجود صلة دماء أو القرابة أو الحب أو الزواج وغيرها من أشكال العلاقات،
ونبقى دائما نعول على الرصيد الذي لن ينته حتى نفاجأ يوما بأنه أصبح صفرا..
السبب في حساباتنا الخاطئة هو العائلة لأنها هي من يضع حجر الأساس في شخصيتنا فلو أنهم علمونا أننا إن أردنا الأخذ علينا أن نبادر بالعطاء، الحب بالحب والاهتمام بالاهتمام والوفاء بالوفاء، الصبر بالصبر والمعروف بالمعروف، والتقدير بالتقدير وغيرها …. وأن علينا أن نزيد من رصيدنا عند الآخرين بشكل مستمر كي لا ينفد،
المشكلة أحيانا أنهم يدافعون عن رصيدهم لدينا بطريقة مجنونة وكيف له أن يصل إلى الصفر!!!!!؟؟؟؟ ولماذا عليهم أن يضيفوا عليه دائما!!!!؟؟؟؟
ولماذا عليهم أن يتمتعوا دائما بعطائنا بينما هم يخذلوننا عند وقت الحاجة إليهم؟؟؟؟ لماذا علينا أن نصبر ونغفر وندعم بلا نهاية؟؟؟؟ متى سنحصل على المقابل؟؟؟؟
كاذبون نحن إن ادعينا يوما أننا لا ننتظر المقابل، المقابل الذي هو زيادة للرصيد، كلمة بكلمة موقف بموقف، عطاء بعطاء، غفران بغفران، وانتظار بانتظار، عمر بعمر، وحب بحب…
لو أنهم أخبرونا أن في القلوب حجر يخزن فيها كل ما أودعناه ربما لم نكن لنبذر في السحب يوما ولم يكن لرصيدنا أن يصل إلى الصفر ….
روعه مقال في منتهى الأهمية يجب على الجميع مراعاة رصيدهم في الاخذ والعطاء لقد أشرت إلى تفاصيل التفاصيل شكرا لعطائك صديقتي الرائعه