أ.طارق سليمان
لا تذكر كتب التاريخ أسماء البسطاء والبشر العاديين من ضحايا الثورات والحروب والنزاعات .. التاريخ لا يحفظ إلا أسماء القادة والملوك والأنبياء ..
ولأن سيدنا محمد -عليه الصلاة والسلام -كان آخر الأنبياء .. لم يعد التاريخ الحديث يسجل سوى أسماء الطغاة والجزارين .. الذين قتلوا وشردوا شعوبهم ليعيشوا على أنقاض و بقايا بلدانهم ..
لم تذكر لنا كتب التاريخ حكاية أم ثكلى فقدت فلذة كبدها وعاشت بقية عمرها تعض على أصابعها من الحسرة والألم على عمرها الضائع ..
ولا يحكي لنا التاريخ عمن ترملت وفقدت حبيبها وزوجها وشريك حياتها في كمين أو تفجير ..
لم تقص علينا كل كتب التاريخ عن طفل لم تكتحل عيناه برؤية وجه أبيه ..
من وقف بجوار الأرملة الحزينة قليلة الحيلة وهي تصارع في الحياة من أجل أن تصل بأطفالها اليتامى إلى شاطئ النجاة ..
من وقف بجوار الطفل الذي فقد أباه في الصراعات المسلحة وهو يذهب وحيدا في يومه الأول من الدارسة بينما ينتشي باقي الأطفال زهوا بوجود آبائهم ..
مَن مِن كتب التاريخ سيأخذ بيد العروس التي فقدت أباها ويمشي بها فخورا حتى يسلمها ليد زوجها يوم عرسها وهي ترفع رأسها في خيلاء و فخر ..
وهل عاش كاتبو التاريخ الليالي الباردة الحزينة يتجرعون مرارة ذكرى رحيل الأحباء ..
الكل ينظر فقط إلى النتائج وإلى ما آلت إليه الأمور .. الكل يشارك في الغنيمة حتى وإن لم يتكبد ألم المعاناة والشقاء للوصول إلى هذه اللحظة..
ولكن دعونا هنا أن نكتب و نكرر ونصر على إرسال تهانينا و تحياتنا لكل من ذكرنا.. تحية صادقة لكل الفقراء والضعفاء .. تحية منقوشة وسط السحاب والغمام على صفحة السماء .. إننا أبدا لن ننسى تضحياتهم ولا آلالامهم .. لأن مصابهم هو مصاب كل الوطن .. وهو الذي عبّد الطريق إلى النصر في النهاية ..
تحيات مكلوم سابق