تفاؤل

أ.محمد كمال أبو عايد

أَزُورُ البَحرَ يَملَؤُنِي انفِعَالِي

فَيَحضُنُنِي وَيَفرَحُ مِن وِصَالِي

وَتَهدَأُ مِن خَرِيرِ المَاءِ نَفسِي

وَأَسرَحُ بين حلمٍ وابتهالِ

فقَالَ المَوجُ فِي صَوتٍ رَقِيقٍ

صَدِيقِي: هَل سَتَغضَبُ مِن سُؤَالِي؟!

رَأَيتُ الحُزنَ فِي عَينَيكَ بَحرًا

يُطَاوِلُ مَوجُهُ قِمَمَ الجِبَالِ

وَلَكِنِّي رَأَيتُكَ فِي هُدُوءٍ

وراحَ الغيمُ يهربُ في الرمالِ

فَكَيفَ أَنَختَ هَذَا المَوجَ قُل لِي؟!!

وَوَحدكَ أَنتَ تَفتَرِشُ اللَّيَالي!

وَكَيفَ اسطَعتَ بَينَ النَّاسِ عَيشًا؟!!

وَرَاضٍ دَائِمًا فِي كُلِّ حَالِ!

فَقُلتُ الحَمدُ لِلَّهِ احتَوَانِي

إَلَهِي خَالِقِي هُوَ ذُو الجَلَالِ

فَإِنِّي قَد رَضِيتُ قَضَاءَ رَبِّي

وَبَعد قَضَاءِ رَبِّي لَا أُبَالِي

وَإنَّ اللَّهَ أَكرَمَنِي بِقَلبٍ

تُطَوِّقُهُ القَنَاعَةُ بِالحِبَالِ

أَحَلتُ الحُزنَ فِي عَينَيَّ صَبرًا

وَمُقتَنِعٌ بِرِزقِي فِي المَجَالِ

أَرَى نِعَمًا مِنَ الرَّحمَنِ حَولِي

فَأَخجَلُ مِن بُكَائِي وَانفِعَالِي

وَيَهدَأُ فِي فُؤَادِي كُلُّ مَوجِي

وَتَهزِمُهُ الوَدَاعَةُ فِي الخِصَالِ

وَإِن لَيلٌ تَعَمَّدَنِي بِسُوءٍ

وَأَوجَعَنِي إِلَى حَدِّ اشتِعَالِي

فَأُوقِنُ أَنَّهُ حَتمًا سَيَمضِي

سَيَأتِي الصُّبحُ مِن رَحِمِ الخَيَالِ

وَإِن لَيلَى سَقَتنِي كَأسَ بُؤسٍ

أَتَت بِلقِيسُ فِي ثَوبِ الجَمَالِ

فَأَصنَعُ فِي مُحِيطِ القَلبِ عَرشًا

وَأُجلِسهَا بِمَملَكَةِ الكَمَالِ

سَتُؤمِنُ بِي وَتَتبَعنِي بِحُبٍّ

فَإِنَّ البَدرَ يَكمُنُ فِي الهِلَالِ

وَإِن حَزِنَت عُيُونِي مِن جَنُوبٍ

أَدَرتُ العَينَ فِي جِهَةِ الشَّمَالِ

يَا أَزهَرَ الشَّرقِ قَد جَفَّت مَآقِينَا

أقم الصلاة لنا وأرح مصلينا

قَلبِي تمدد فَوقَ سَطحِ قَصَائِدِي

وَقَصَائِدِي تَمشِي عَلَى استِحيَاءِ

لَو قُلتُ بَيتاً فِيهِ وَصفُ حَبِيبَتِي

لَتَصَبَّبَت عَرَقًا حُرُوفُ هِجَائِي

مُتَبَحِّرٌ فِي الحُبِّ لَكِن أَحرُفِي

غَرقَى بِبَحرِ الحَاءِ قَبلَ البَاءِ

بَحرُ القَصِيدَةِ كَامِلٌ لَكِنَّهُ

فِي الحُبِّ يَسقِي غَيرَنَا بِالمَاءِ

يَا أَيُّهَا البَحرُ الَّذِي تجرِي بنا

رِفقًا بِعَينِ حَبِيبَتِي الحَسنَاءِ

رِفقًا بِقَلبٍ يَستَحِيلُ قَصِيدَةً

وَيَضُخُّ كُلَّ حُرُوفِهَا بِدِمَائِي

سَأَقُولُ شِعرًا فِي عُيُونِ حَبِيبَتِي

مُتَغَزِّلًا فِي وَجهِهَا الوَضَّاءِ

سَأَقُولُ عَنهَا أَنَّهَا مَحبُوبَتِي

أَنفَاسُهَا استَنشَقتُهَا كَهَوَائِي

فَكَّت ضَفَائِرَهَا وَأَرخَت شَعرَهَا

فَانسَابَ بَينَ أَنَامِلِي وَوَرَائِي

وَأَخَذتُ مِن فَمِهَا العفيف قصائدا

ظَلَّت تُرَاوِدُنِي بِكُلِّ مَسَاءِ

سَأَقُولُ عَنهَا أَنَّهَا مَعشُوقَتِي

دَاءٌ أَلَمَّ بِمُهجَتِي وَدَوَائِي

شَمسِي الَّتِي لو أَشرَقَت بِضِيَائِهَا

لَاغتَالَ نُورُ الشَّمسِ كُلَّ ضِيَاءِ

قَمَرِي المُسَافِرُ بَاحِثًا عَن لَيلَةٍ

صَيفِيَّةٍ تَبدُو بِكُلِّ صَفَاءِ

هِيَ فِي شِتَاءِ الكَونِ حُضنًا دَافِئًا

بِالشَّوقِ أَشعَلَ كَاللَّهِيبِ شِتَائِي

لو أن لي في البوح كنت وصفتها

تراودني القصيدة كل حين

وتنثر في مخيلتي الغراما

فآخذها لحضني في اشتياق

وفوق سطورها أرمي السلاما

أقبل بين رمشيها حروفا

وأرسم فوق خديها ابتساما

وآتي كي أراودها بلطف

لتولد من قوافيها الكلاما

وأمشي فوق نهديها بكفي

وبين يدي ينقسم انقساما

وأركب بحرها بالحرف عشقا

وأسكب بين عينيها الغماما

لا شأن لي بالموج حين يجيء

وأنا بحبي طاهر وبريء

من rana

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *