زكريا الأحمد العثمان- مختص نفسي وتربوي
تُعتبر الثورات الشعبية ظاهرة معقدة تتضمن تغييرات جذرية في النظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية. هذه محاولة لتحليل تطور الثورات باستخدام تشبيه المراحل العمرية لنمو الأفراد، حيث تمثل هذه المراحل تطوراً تدريجياً يبدأ من الميلاد وصولاً إلى النضج ثم الشيخوخة. في هذا السياق، يمكن تقسيم حياة الثورات
بشكل عام وثورتنا السورية بشكل خاص إلى مراحل تشبه مراحل النمو في حياة الإنسان، وهي: مرحلة الطفولة، ومرحلة المراهقة، ومرحلة النضج، ومرحلة الشيخوخة.
- مرحلة الطفولة:
تشير مرحلة الطفولة في حياة الثورة إلى فترة البداية والتكوين الأولي. في هذه المرحلة، تبدأ الاحتجاجات والثورات الشعبية بشكل عفوي وغير منظم، حيث يكون التحرك مدفوعاً بعدد قليل من المحفزات الأولية مثل الأزمات الاقتصادية أو التفاوت الاجتماعي وغياب منظومة العدل في حدها الأدنى. تشبه هذه المرحلة في حياة الإنسان فترة الطفولة التي تتميز بالبراءة وعدم النضج الكامل. هنا، تكون الثورة في مرحلة بحثية وتجريبية، حيث يتم تشكيل الرؤى والأهداف الأساسية، ويظهر قادة الثورة الأوائل الذين يلعبون دوراً حاسماً في توجيه الحركة. - مرحلة المراهقة:
تنتقل الثورة إلى مرحلة المراهقة عندما تبدأ في التوسع والنمو بشكل ملحوظ. تشبه هذه المرحلة فترة المراهقة في حياة الإنسان التي تتميز بالتمرد والبحث عن الهوية. في هذه الفترة، قد تظهر خلافات داخل الحركة الثورية نفسها، حيث تتصادم الرؤى والأيديولوجيات المختلفة. ويتميز هذا الطور بتزايد النشاط الثوري، والاهتمام بالتحقيق في أهداف أكثر طموحاً. كما أن هناك تحديات كبيرة في هذه المرحلة، مثل محاولات قوى مضادة لإخماد الثورة واحتواء الأزمة، وفرض رؤى معينة ومعارضة رؤى أخرى، التصرفات غير المحسوبة والنزوع نحو الاستقلالية التصرفات غير المكتملة والناضجة وردات الفعل غير المدروسة. - مرحلة النضج:
مع تطور الثورة، تصل إلى مرحلة النضج، حيث تصبح الأهداف أكثر وضوحاً والإجراءات أكثر تنظيماً. تشبه هذه المرحلة النضج في حياة الإنسان، حيث يصبح الفرد أكثر استقراراً وحكمة. في هذه الفترة، تسعى الثورة إلى تحقيق أهدافها الرئيسية، مثل تغيير النظام السياسي أو الاجتماعي بشكل دائم. حيث تكون الحركة الثورية قد نجحت في تشكيل تحالفات قوية وإقامة هيكل تنظيمي فعال، مما يساهم في تحقيق الاستقرار النسبي. تتضمن هذه المرحلة أيضاً التصدي للتحديات المؤسساتية والعملية لتثبيت التغييرات وإضفاء الشرعية على النظام الجديد. - مرحلة الشيخوخة:
تنتهي الثورة في بعض الأحيان إلى مرحلة الشيخوخة عندما تبدأ في فقدان قوتها ونشاطها. وتشبه هذه المرحلة فترة الشيخوخة في حياة الإنسان، حيث يصبح الشخص أقل نشاطاً وقدرة على التكيف.
في هذه المرحلة، يمكن أن تظهر مشاكل تتعلق بالفساد والاحتكار داخل النظام الجديد، وقد يكون هناك شعور بالإحباط أو عدم الرضا بين الشعب. كما أن الثورة قد تواجه صعوبات في الحفاظ على الزخم الثوري، مما يؤدي إلى استقرار النظام الجديد أو حتى انهياره إذا لم يتم التعامل مع التحديات بشكل فعال.
خاتمة: حاولت في هذه المقالة فهم مراحل تطور الثورات الشعبية من خلال تشبيهها بمراحل حياة الإنسان، لتكون وسيلة من الوسائل المفيدة لفهم الديناميات المعقدة التي تمر بها الثورات، بحيث نستطيع من خلال ذلك استيعاب الديناميات التي تؤثر على نجاح الثورات واستدامتها، مما يساعد في تحسين استراتيجيات التغيير الاجتماعي والسياسي.
والسؤال هنا:
الثورة السورية في أي المراحل تراها عزيزي القارئ حاليا؟.