طاب يومك
أ.كريم أحمد
طاب يومكِ سيدتي.. طبتِ وطابت الفراغات المُعتقة بالصبر بين أصابع كفيك الرقيقة، طبتِ وطابت نفسكِ السمحة، وروحك الجميلة المرحة رغم ما يعتريها مِن خيبات.. أما بعد:
لن أُطيل عليكِ؛ ولكن -بك ما ذكرت النوايا الطيبة من خير- هلَّا أذنتِ لي أن أواسيك؟! أو على الأقل ألملم -في عُجالة- بقايا الكُحل المُشتت في أرجاء عينيك!
أتسمحين لي أن أسرق مِن سنوات كهفك المُظلم ثلاثمئة سنة، وتعودين أنتِ بالتسع الباقيات طفلةً بريئة تفرحين بضفيرتك المُبعثرة، لا همّ لكِ سواها؟
هلَّا رضيتِ أن أمُرّ -ولو سهوًا- على غياهِب الحُزن القابِع في أعماقك بقميص كقميص يوسُف، حين استبشر به يعقوب فارتدَّ بصيرا. قميص مِن غزل يديكِ أنتِ؛ تستبشرينَ به كيفما شئت، ومتى شئتِ؟
هلَّا أذنتِ لي بنصف قُربٍ منكِ.. أُثبِت به للعالم أجمع أنكِ العالم أجمع، وأنكِ لا تستحقين الخِذلان، أو أنكِ لا تليقين بالحزن أو الألم، أو أنكِ مُعجزة تكاثرت عليها غبار النوايا السيئة.. فباتت باهتة، وهي التي أنارت جُدران البيوت القديمة سرمدية الظلام، كلما سهت ومرت بجوارها؟
أتأذنينَ لي ألَّا أدعك تنامين ليلة واحدة وفي قلبك الطيب شبه عابر.. تركَ فيكِ مرارةَ غُصة، أو أنينَ فقد، أو ذَرة حنين.. لمَن لم يعرف قدركِ؟
أتأذنين لي أن أكونكِ أنتِ وتكونين أنتِ أنا، دون الرجوع إلي مُطلقًا؟ يا سيدتي، ائذني لي أو لا تأذني.. فمثلكِ مَن يأتِها مُشفِقًا عليها، يرجع حائرًا هائمًا على وجهه مُشفقا عليه!
يا سيدتي، إن إناث مدينتِنا كثيرات، لا واحدة منهُن تلفتُ النظر حين يتسلل الحزن إليها.. وبحزنك أنتِ، تشرَئب لكِ كلُّ الأنظار!
للّٰهِ درك! أنتِ وحدكِ.. مدينة على أسوارها يُعرَف كيف تجتمع كُل النساء في واحدة، حين تُرسم بسمة واحدة منكِ على شِفاه القمر.. فابتسمي، قاتل اللَّه حزنك .. لم يُخلَق لكِ أبدًا.