تقدير موقف مكتب دراسات الحركة الوطنية السورية
مع التلويح الإسرائيلي بعملية برية تمهد لها غارات يومية أوقعت مئات القتلى اللبنانيين وتسببت بنزوح جماعي داخل لبنان وإلى سوريا، تضاف الجبهة اللبنانية إلى جبهة مفتوحة في غزة، ما يفتح بابًا واسعًا من التساؤلات حيال موقف نظام الأسد من تطور الأحداث في المنطقة، حيث سلكت الأحداث في المنطقة منعطفًا مفاجئًا منذ بدأت إسرائيل بتفجير أجهزة اتصال لاسلكية لعناصر “الحزب” موقعة خسائر بشرية فادحة، قبل الانتقال إلى اغتيالات طالت كبار قادة “الحزب” العسكريين، على رأسهم نصر الله، وقائد جبهة الجنوب علي كركي، وقائد القوى الجوية محمد حسين سرور، والقائد العسكري الأعلى إبراهيم عقيل، وقادة “قوة الرضوان” الذين قتلوا في غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت في 20 من أيلول، ومنهم أحمد محمود وهبي، وفي وقت تلاحق فيه الضربات الإسرائيلية قادة “حزب الله”، دون أي التفاتة إلى المساعي الأمريكية والأوروبية ودول المنطقة للتهدئة، تتجه الأنظار إلى حليف “حزب الله” وإيران، رأس النظام “بشار”، الذي لم يبدِ حتى الآن أي خطوات جدية استجابة لهذه التطورات، عدا عن البيانات الإعلامية، تنذر المعطيات في لبنان باحتمالية توسع الصراع، وتضع نظام الأسد أمام “اختبار علاقة” مع حليفه القريب بالجغرافيا والمواقف، وحدود الدور الذي يمكن أن يخطو نحوه النظام أو يقف دونه في حرب بدأت انعكاساتها الإنسانية على الأقل، بتجاوز الحدود البرية الوحيدة للبنان مع بلد عربي.
نظام الأسد لم يخرج عن موقفه
لم يختلف كثيرًا تعاطي نظام الأسد مع مجريات الأحداث في الجنوب اللبناني عن الموقف الرسمي له من الأحداث التي يشهدها قطاع غزة منذ عام تقريبًا، إثر هجوم عناصر تابعين لـ” كتائب القسام” على مستوطنات إسرائيلية في غلاف القطاع، وما تبعه من تصعيد إسرائيلي تحوّل إلى حرب متواصلة لم تفلح جهود الوساطة الأمريكية والقطرية والمصرية في وقفها حتى اليوم، وبعد تصاعد حاد في الأحداث، جنوبي لبنان، وفي خطاب ألقاه أمام مجلس الشعب، في 25 من آب الماضي، وقبل تصاعد الأحداث في لبنان، وحين كانت العمليات تقتصر على مناوشات خفيفة متكررة تحت مسمى “جبهة الإسناد لغزة”، اكتفى الأسد بالإشارة إلى تحرير جنوب لبنان عام 2000، و”كسر شوكة الغرب” في لبنان عام 2006، مع الإشادة بـ ”المقاومين في لبنان وفلسطين والعراق واليمن” واعتبارهم “أسوة وقدوة وأنموذجًا ومثالًا نقتدي به في طريق التحرير، طريق الكرامة والشرف والاستقلال الناجز”، وبعد انفجار أجهزة الاتصال لدى عناصر “حزب الله” في 17 و18 من أيلول، مخرجة 1500 على الأقل من عناصر “الحزب” عن الخدمة بإصابات حادة، كفقدان البصر وبتر الأيدي، وتصاعد وتيرة الضربات الإسرائيلية، تصاعدت وتيرة بيانات الإدانة من قبل النظام، فأدانت خارجية نظام الأسد هذه الضربة الإسرائيلية، ووصفتها بأنها “عدوان إرهابي ودموي” و”جريمة دموية بحق المدنيين في لبنان”، مع إعلان وقوفها إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق بحقه في الدفاع عن نفسه، دون توضيح آلية هذا الدعم والوقوف.
“لا تغيير في العلاقة”
لطالما كانت العلاقة بين نظام الأسد و“حزب الله” اللبناني علاقة متينة لها جذور تاريخية ووصفت بأنها “متينة ووثيقة”، فكانت سوريا، وفق الأمين العام لـ”حزب الله”، حسن نصر الله، “العمود الفقري للحزب والمقاومة”، وينظر الحزب إلى سوريا على أنها “سوريا الأسد”، فكان سندًا للنظام وسلاحه الذي أشهره ضد السوريين مع اندلاع الثورة، وسفك دماءهم وهجّرهم وحال دون سقوطه إلى جانب قوات أخرى، وكان القرار السوري الرسمي مساندًا وداعمًا لـ”حزب الله” منذ تأسيسه عام 1982 برعاية إيرانية، فكان حافظ الأسد يبدي التعاطف مع الحزب، ويعطي التوجيهات لقيادة الجيش السوري والأجهزة الأمنية لمساعدته، ولم يكن في باله أن إيران كانت تجعل من “الحزب” قاعدة عسكرية وسياسية لخدمة استراتيجيتها، أو أن لديها طموحًا في التوسع الإقليمي، وفق ما ذكره نائب عبد الحليم خدام، في كتابه “التحالف السوري الإيراني والمنطقة“، هذه العلاقة مع “حزب الله”، فتحت الباب أمام تساؤلات حول طبيعة العلاقة اليوم، وسط تصعيد وملامح آخذة بالتشكل لحرب مقبلة، ومدى تأثر هذه العلاقة بما يحصل وإمكانية أن تتخذ مجرى مغايرًا لما كانت عليه، ومآلات هذا التغيّر في العلاقة إذا حصل، حيث إن “حزب الله” ونظام الأسد ما زالا حليفين، ومن المرجح أن يظلا كذلك، ومن المستبعد حدوث تغيير كبير في العلاقة، ما يعني على الأرجح تغيير عضوية النظام ومشاركته في “محور المقاومة” الأوسع، ولا يتوقع أن تبذل دمشق مزيدًا من الجهود لدعم “حزب الله” مقارنة بما تبذله حاليًا، مرجحًا أن تكون المساهمة الأكثر أهمية التي قدمتها حكومة النظام في معركة “حزب الله” الحالية قد جاءت قبل الحرب، من خلال الكيفية التي ساعد بها النظام “حزب الله” في تطوير قدراته وبنيته الأساسية المادية في لبنان وسوريا، ومن جهة أخرى، لم يعد بوسع حكومة الأسد أن تضيف الكثير بمجرد بدء الحرب، ولكن حتى الآن، تمثل سوريا العمق الاستراتيجي لـ”حزب الله”، وخط إمداد محتملًا مهمًا إذا طال أمد هذا الصراع، وأكد أخرون أن علاقة نظام الأسد بالحزب علاقة معقدة غير ثنائية فخلال تدخله العسكري في سوريا، كان دور “حزب الله” أقل تركيزًا على إعادة بناء وتعزيز قدرات قوات النظام، مع الاهتمام بإنشاء تشكيلات موازية، كالميليشيات الموالية للنظام، وهذا يتناغم مع سلوك “الحزب” في لبنان نفسه، حين بنى قوة مسلحة مستقلة بمنأى عن الدولة اللبنانية الضعيفة، وفي هذا السياق، وصل التحالف بين “حزب الله” وسوريا إلى مرحلة جديدة، فلم يفرض “الحزب” شروط العلاقة فحسب، بل كان لديه أيضًا مجال لتوسيع نفوذه الأيديولوجي والعسكري والسياسي داخل سوريا، وقال خبراء سياسيون إن الحديث حول طبيعة العلاقة بين النظام و”حزب الله” يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار ويُفهم من تعقيدات المشهد السوري، لأن اعتبارهما حليفين مستقلين يتخذان قراراتهما بإرادتهما الكاملة المستقلة تصور غير دقيق، حيث إن النظام لا يتمتع باستقلال كامل في قراراته المتعلقة بـ”حزب الله”، لأن هناك اختراقات إيرانية داخل تركيبة النظام، وبات لـ”حزب الله” نفوذ أيضًا، ما يجعل القرار السوري تجاه هذه العلاقة غير مستقل بالكامل، وأضاف أن وجود نفوذ ميداني مباشر لـ”حزب الله”، وعبر حلفائه الإيرانيين، جعل هناك علاقة تحالفية مع مراكز قوى داخل تركيبة النظام ذاته، سواء كان ذلك بإرادة رأس النظام “بشار”، أم رغمًا عنه، ويمكن تشبيه نظام الأسد بـ”شركة مساهمة” تتقاسم فيها عدة أطراف النفوذ، حيث يملك الأسد أسهمًا فيها، كما يمتلك الإيرانيون، و”حزب الله”، والروس كذلك، وهذا التعقيد، يجعل العلاقة بين النظام و”حزب الله” علاقة “غير ثنائية” وليست بسيطة، بل هي جزء من شبكة أوسع من المصالح والتحالفات، والعلاقة تواجه بعض التحديات في ظل التصعيد الحاصل، فالأسد لا يمتلك القدرة على اتخاذ قرار مستقل بدخول حرب مع إسرائيل لدعم “حزب الله”، ولو كان يملك هذه القدرة فمن المستبعد انخراطه في حرب كهذه كُرمى لـ”حزب الله”، وقد تُستخدم سوريا كقاعدة إسناد للحزب رغمًا عن إرادة النظام في حال تحولت الحرب إلى تهديد وجودي لـ”حزب الله” كما يحدث لـ”حماس” في غزة، وقد تحصل توترات وتغييرات داخل نظام الأسد، خاصة بين العائلة الحاكمة وكبار النافذين في الأجهزة الأمنية والعسكرية حيال العلاقة مع الحزب وإيران، وبهذا إن العلاقة بين نظام الأسد و”حزب الله” معقدة للغاية ومتشابكة مع التوازنات الإقليمية والدولية، ومن الصعب تقدير كيفية تطورها في ظل التحديات الحالية، مع عدم وضوح مدى التهديد الإسرائيلي لـ”حزب الله” وطبيعته، وما زال الوقت مبكرًا للغاية للتحليل الدقيق لمآلات هذه العلاقة.
نظام الأسد يغدر بميليشيا حزب الله ويغلق مكاتب تجنيده في ريف دمشق
أغلق نظام الأسد قبل أيام مكتب تجنيد كان قد افتتحته ميليشيا “حزب الله” بالقرب من مقام السيدة زينب بريف دمشق بهدف استقطاب متطوعين للقتال ضمن صفوف “المقاومة الإسلامية في لبنان” في مواجهة إسرائيل على الجبهة الجنوبية في لبنان، حيث رفض النظام بشكل قاطع السماح لحزب الله بتجنيد أي سوريٍ للقتال في صفوفه ضد إسرائيل، رغم الشراكة الاستراتيجية بين رأس النظام “بشار” وحزب الله في قمع الثورة السورية منذ العام 2011، وكشف مصدر أمني عن زيارة التقى فيها ضباط من مكتب الأمن الوطني مع القيادي في الحزب الحاج “أبو علي ياسر” المسؤول المباشر عن مكتب التجنيد لإقناعه بإغلاق المكتب، وتجنب أي أنشطة تجنيدية علنية، بحسب ما نقل موقع تلفزيون سورية، وكمل نقل أعضاء الوفد رسالة شفهية من اللواء كفاح ملحم رئيس “مكتب الأمن الوطني” أكّد فيه على ضرورة إغلاق المكتب فوراً لدواعٍ تتعلق بالوضع العسكري القائم على الأراضي السورية، ونوهت الرسالة أن “سورية ليست في وضع يسمح لها بفتح جبهة جديدة في الجنوب، خاصة أن هناك مخاوف من أن تؤدي أي مواجهة مع إسرائيل إلى تصعيد يطول الحدود السورية مباشرة في منطقة الجولان، ما قد يفرض على النظام إعلان التعبئة العامة في صفوف قواته في ظل تحديات داخلية عديدة”، وأكد الوفد للمسؤول عن المكتب وجود مؤشرات استخبارية تدّل على نية الفصائل والتنظيمات في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام لاستغلال الأوضاع في المنطقة وشن هجمات تجاه مواقع جيش النظام، ويذكر أن أعضاء الوفد نقلوا تهديداً مبطناً بأنّ الفروع والإدارات الأمنية ستعتبر أي مواطن سوري يتطوع للقتال خارج سورية من دون علم النظام مطلوباً أمنياً ومتورطاً بأنشطة عسكرية “إرهابية”، وسيتم تعميم اسمه على كافة المنافذ الحدودية للقبض عليه، في حين ستتم ملاحقة كافة الأشخاص والشبكات المتورطة بعملية التجنيد دون وجود تنسيق أمني مسبق مع الجهات المختصة، واقترح “حزب الله” مع رفض النظام السماح بتجنيد مواطنيه، على مكتب الأمن الوطني تجنيد مقاتلين غير سوريين، خاصة من العناصر العراقيين والأفغان والباكستانيين المقيمين في سورية، وذلك بالاستناد إلى فتاوى دينية صادرة عن مرجعيات شيعية تدعو لدعم “المقاومة الإسلامية” في مواجهة إسرائيل، وجاء مقترح “الحاج ياسر” بعد تدخل مباشر من جنرالات في الحرس الثوري الإيراني لإنهاء الخلاف الخاص بمكتب التجنيد، وتمكنوا من التوصل إلى اتفاق مع النظام يقضي بالسماح للحزب بتجنيد مقاتلين من جنسيات غير سورية بشكل سري، مع ضمان عدم كشف هوياتهم وتسهيل تنقلاتهم بين سورية ولبنان، ويُلزم الاتفاق مكتب تجنيد الحزب بإرسال لوائح تضم بيانات كافة المتطوعين إلى فرع الأمن الخارجي في إدارة أمن الدولة، مع إبلاغهم بتحديثات مغادرة سورية والعودة إليها وفي حال توقف أحدهم عن المشاركة مع حزب الله، ومن الجدير بالذكر أن النظام اشترط ضمان نقل المصابين وجثث القتلى إلى سورية بشكل سري لتجنب أي تداعيات أمنية قد تترتب على ذلك، ولعدم ملاحقة المتطوعين من قبل حكومات بلادهم.
انخراط “حزب الله” في الحرب السورية كان بمثابة الثغرة التي سمحت لتل أبيب بتحقيق طفرة في اختراق الحزب
أكد مسؤولون سابقون وحاليون في الاستخبارات الإسرائيلية لصحيفة “فاينانشال تايمز”، أن انخراط “حزب الله” اللبناني في الحرب السورية إلى جانب رأس النظام “بشار”، كان بمثابة الثغرة التي سمحت لتل أبيب بتحقيق طفرة في اختراق الحزب، بعدما ظلت بنيته السرية عصية على الاختراق لعقود، ونقلت الصحيفة عن المسؤولين، أن ما تغير هو عمق ونوعية المعلومات الاستخباراتية التي تمكنت إسرائيل من الاعتماد عليها في الشهرين الماضيين، ووفق المسؤولين، فإن الصورة “الاستخباراتية” الكثيفة التي أتاحها نشر “حزب الله” عناصره في سوريا عام 2012 للمساعدة في إخماد الاحتجاجات، وهو ما شكل انكشافاً أظهر “من كان مسؤولاً عن عمليات الحزب”، وكما قد نقل التقرير عن سياسي لبناني سابق رفيع المستوى (لم يسمه) أن اختراق “حزب الله” من قبل المخابرات الإسرائيلية أو الأميركية كان “ثمن دعمهم للأسد”، ومن الجدير بالذكر أن المسؤول أكد أنه “كان عليهم الكشف عن أنفسهم في سوريا، واضطرت الجماعة السرية فجأة إلى البقاء على اتصال وتبادل المعلومات مع جهاز الاستخبارات السوري بكل فساده، أو مع أجهزة الاستخبارات الروسية التي كانت تخضع لمراقبة منتظمة من قبل الأميركيين”
النظام يتجاهل الحزب
مع تكثيف الهجمات الإسرائيلية على مواقع الحزب في لبنان وسوريا، نظام الأسد يتقاعس عن دعم “حزب الله” وهذا ليس مفاجئًا، فرغم أنه أعلن تضامنه مع الفلسطينيين واللبنانيين في كلا الحربين منذ نحو عام، لم يبد أي اهتمام أو قدرة على المشاركة بشكل مباشر في الانخراط بأي منهما، وبأي شكل من الأشكال، على الرغم من معاناة النظام إثر الهجمات الإسرائيلية المستمرة في سوريا، لم يبد أي رد فعل تصعيدي، معتبرًا وإن هذه الآلية تتماشى تاريخيًا مع سياسة النظام منذ عام 1974 التي تصب في محاولة تجنب أي مواجهة كبيرة ومباشرة مع إسرائيل من سوريا، ويشار إلى أن الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله، صرح في خطاب ألقاه بعد تشرين الأول 2023، أن “محور المقاومة” لا يستطيع أن يطلب أي شيء من حكومة الأسد لأنها عانت كثيرًا نتيجة الحرب، وعلاوة على ما سبق، لا مصلحة لإيران ولا لـ”حزب الله” في رؤية نظام الأسد يضعف أكثر من خلال مواجهة عسكرية أكبر ضد إسرائيل، لكن ومع ذلك، تظل الأراضي السورية مهمة لنقل الرجال والمعدات العسكرية بين “حزب الله”، وإيران، ولا يستبعد أن يكون تقاعس النظام عن دعم “حزب الله” وسيلة لإظهار استعداد للدول الغربية ودول الخليج للبقاء خارج الحرب من باب الاعتدال في مواقفها، من أجل السعي إلى التقارب مع هؤلاء الأطراف، وسبق أن حذرت الإمارات حكومة الأسد في بداية الحرب من التدخل في الحرب أو السماح بشن هجمات على إسرائيل من الأراضي السورية، بحسب مصدرين مطلعين على الجهود الدبلوماسية الإماراتية، أوردها موقع “أكسيوس” الأمريكي، نهاية العام الماضي.
الأسد يحاول النأي بنفسه عما يحصل في محيطه من خلال إبداء موقف دون إبداء دعم
غياب ذكر “حزب الله” عن حديث رأس النظام “بشار” خلال خطابه الأخير للحكومة، رغم أن هذا الملف يعتبر الأكثر سخونة في المنطقة حاليًا، يذكر بالتعاطي نفسه مع الأحداث في غزة، التي اندلعت منذ نحو عام، إذ واظب الخطاب الحكومي السوري على دعم غزة، لكنه لم يشر ولا لمرة واحدة لـ”حركة المقاومة الإسلامية” (حماس)، في حين يبدو موقف الأسد من “حماس” مبررًا كون علاقته مع الأخيرة شهدت توترًا خلال السنوات الماضية، بسبب دعمها للثورة السورية المناهضة له عام 2011، لا يحمل موقفه من “حزب الله” الطبيعة نفسها، خصوصًا أن الأخير كان من أوائل المتدخلين دعمًا له في سوريا منذ اندلاع أولى الاحتجاجات، وشغل “حزب الله” جبهات قتال عديدة في سوريا، وكان داعمًا عسكريًا للنظام في معظم المعارك والعمليات العسكرية واسعة النطاق التي شهدتها الجغرافيا السورية، ويرى باحثون أن الأسد يحاول النأي بنفسه عما يحصل في محيطه من خلال إبداء موقف دون إبداء دعم، وإن النظام يحاول حصر المشهد اليوم، بقواعد الاشتباك المعهودة بينه وبين إسرائيل منذ سنوات، وهو حريص جدًا على إيصال رسائل تحمل هذا المشهد لجميع الأطراف، حيث أن هناك أمرًا روسيًا للنظام بعدم الانجرار وراء غايات إيران، لأن ذلك قد يعزز من خسارة روسيا لمكتسباتها لا سيما في ظل انشغالها بالملف الأوكراني، ودوافع النظام السوري اليوم للاستفادة من الانفتاح السياسي عليه، ولفت طلاع إلى أن هذه الآلية لن تجنب الأسد الخوض في التحديات المحيطة به، إذ اعتبر أن النظام مضطر لخوض تحديات كبيرة، لا سيما في مقاومة ما تريده إيران التي تنظر للنظام و”حزب الله” على أنهما أدوات تتحكم بها لتدير شروط تفاوضها مع الغرب والولايات المتحدة.
الطيران الإسرائيلي يستهدف مواقع عسكرية تابعة لنظام الأسد في ريفي درعا والسويداء
شن الطيران الحربي الإسرائيلي غارات استهدفت مواقع عسكرية تابعة لنظام الأسد، في ريفي درعا والسويداء الثلاثاء 1 تشرين الأول/ أكتوبر، بعد ساعات من غارات استهدفت مواقع في العاصمة دمشق، والغارات الإسرائيلية استهدفت مطار أزرع الزراعي، وكتيبة الرادار التابعة للواء 79 دفاع جوي، الواقعة بين مدينة الصنمين وبلدة القنية شمالي درعا ما أدى لإصابة عنصرين، وقد طال مطار الثعلة العسكري في ريف السويداء الغربي، ومن الجدير بالذكر أن هذا القصف يأتي بعد ساعات من القصف الإسرائيلي الذي استهدف مواقع في العاصمة دمشق، والذي أدى لمقتل 3 أشخاص بحسب ما أعلنه نظام الأسد، وسبق أن شنت مقاتلات إسرائيلية غارات جوية خلال الليلة الماضية على منطقة المزة غربي العاصمة السورية دمشق، ما أدى إلى وقوع 3 قتلى و9 جرحى، وذكرت وسائل إعلام موالية أن المذيعة صفاء أحمد من “التلفزيون السوري” قتلت وأصيب آخرون نتيجة سقوط صاروخ على شارع الحديقة الفرنسية بجانب المؤسسة العامة للاتصالات، ونقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية عن مصدر أمني قوله إن طائرات إسرائيلية أطلقت عدداً من الصواريخ من فوق الأراضي المحتلة في الجولان، محاولاً استهداف بعض المواقع جنوب غربي دمشق، وادعى المصدر الأمني بأن الصواريخ الاعتراضية تمكنت من إسقاط معظم الصواريخ المهاجمة قبل وصولها إلى أهدافها
خارجية النظام تؤكد حقها المشروع في الدفاع عن أرضها وشعبها
صرحت وزارة خارجية نظام الأسد في بيان لها، تعقيباً على الغارات الإسرائيلية التي استهدفت العاصمة دمشق أمس الثلاثاء 1 تشرين الأول/ أكتوبر، إنها تؤكد حقها المشروع في الدفاع عن أرضها وشعبها ومقاومة الجرائم بكافة الوسائل التي يكفلها القانون الدولي، وكما دعت الوزارة في بيان، العالم إلى “وضع حد للتفلت الإسرائيلي” الذي يشعل المنطقة برمتها ويهدد السلم والأمن الإقليمي والدولي، ضارباً بعرض الحائط كافة القوانين والقواعد الدولية، في حين أن الواقع يثبت العكس، إذ أن آلة نظام الأسد الحربية لاتزال لسنوات طويلة تحتفظ بحق الرد على الغارات، وتواصل انتهاكاتها بحق المدنيين السوريين، وأكدت إنه استمراراً لسلسلة الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق شعوب المنطقة، واعتداءاته المتكررة على الأراضي السورية، قام العدو الإسرائيلي فجر اليوم بشن عدوانٍ جوي بالطيران الحربي والمسير مستهدفاً عدداً من النقاط في مدينة دمشق، من بينها مناطق سكنية مكتظة بالسكان، ما أدى إلى استشهاد ثلاثة مدنيين وإصابة تسعة آخرين ووقوع أضرار كبيرة في الممتلكات الخاصة، وفي هذا السياق، حذر “بسام صباغ” وزير الخارجية في حكومة النظام، خلال كلمة أمام الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، من أن العدوان الإسرائيلي واسع النطاق على دول وشعوب المنطقة، يدفعها إلى شفا تصعيد خطير ومواجهة لا يمكن التنبؤ بعواقبها، وطالب صباغ الدول الأعضاء في المنظمة الدولية بالعمل على وضع حد للعدوان الإسرائيلي على فلسطين وسوريا ولبنان، “ومساءلة الاحتلال عن جرائمه، وضمان عدم إفلاته من العقاب”، وشدد على ضرورة الرفع الفوري والكامل وغير المشروط للعقوبات المفروضة على دمشق، مشيراً إلى أن بلاده مع جميع المبادرات الرامية إلى دعم جهود الحفاظ على سيادة ووحدة وسلامة أراضي البلاد، وتحسين الأوضاع المعيشية للسوريين، وأكد على ضرورة إصلاح المؤسسات الدولية السياسية والمالية “بما يبعدها عن الهيمنة والأحادية القطبية، ويردع محاولات تقويض الميثاق والاستعاضة عنه بما يسمى بالنظام القائم على القواعد”.
دون اتخاذ إجراء لردعها… الكرملين يدين الغارات الإسرائيلية على دمشق
أدان “دميتري بيسكوف” المتحدث باسم الكرملين الروسي، الضربة الجوية الإسرائيلية التي طالت العاصمة السورية دمشق، مؤكدا أن روسيا على اتصال دائم مع الأصدقاء السوريين، دون أن تقدم روسيا أي ردع عبر أنظمة دفاعها الجوية، وتمنع تلك الغارات المتكررة، وكما أكد “دميتري بيسكوف”: “نحن بالطبع على اتصال مستمر مع أصدقائنا السوريين، لا نرى مخاطر كبيرة الآن، لكننا بالطبع ندين مثل هذه الاعتداءات على دولة ذات سيادة”، وهذه ليست المرة الأولى فقد خذلت روسيا نظام الأسد لعشرات المرات، أمام الإصرار الإسرائيلي في مواصلة الضربات الجوية لمواقع النظام وإيران في مركز سيادته العاصمة دمشق ومناطق أخرى، ليسجل مؤخراً العديد من الضربات الإسرائيلية دون أن تتخذ روسيا أي رد فعل أو الدفاع عنه بواسطة منظومة “إس 300” التي نصبت في سوريا لهذا الشأن، وسبق أن أصيب الشارع الموالي لرأس النظام “بشار” في المناطق الخاضعة لسيطرته بحالة إحباط كبيرة، بعد تكرار الضربات الجوية والصاروخية الإسرائيلية لمواقع النظام وحليفه الإيراني، في ظل الصمت الروسي المطبق وغياب نظام الدفاع الجوي المتطور “إس 300” عن التصدي للهجمات التي نفذت في دمشق والقنيطرة وحمص وحماة، سابقاً، وكانت حالة الإحباط بدت ظاهرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي يلمس المتتبع لحساباتهم وصفحاتهم درجة السخط والشغور بالخذلان من الحليف الأبرز لهم روسيا والذي يعتبرونه الحامي لمناطقهم من أي عدوان كما يسمونه، وأن القواعد الروسية في البحر المتوسط وفي حميميم ومناطق عدة من سوريا وآخرها “إس 300” مسؤولة عن حمايتهم من أي ضربة، وأكثر من مرة أكدت التصريحات الصادرة عن مسؤولين إسرائيلين أنهم سيعاودون استهداف المواقع الإيرانية في سوريا، وأنهم سيتجاوزن تهديدات “إس 300” وقد يلجؤون لتدميرها إن اضطرهم الأمر، في الوقت الذي بدت فيه روسيا صامتة حيال كل مايحصل وكشف جلياً أن هذه الضربات تأتي بالتنسيق معها وعلمها المسبق.
أحداث لبنان تربك تموضع الميليشيات الإيرانية
ويظهر أن ما حصل وسيحصل في لبنان سوف يؤثر على تموضع “حزب الله” اللبناني والميليشيات في سوريا، دون الاعتقاد بأن الحضور الإيراني بات في نهايته، حيث يعتبر أن ما يجري يربك التموضع الإيراني في سوريا دون أن ينهيه، مشيراً إلى أن تغير المعادلة مرتبط بشكل إدارة إسرائيل لعملياتها في سوريا ولبنان، ويشار إلى أن الحضور الإيراني في سوريا “مدعوم بعدد كبير من الميليشيات، وتموضع عسكري كبير واقتصادي واجتماعي وديني وسياسي”، وإن الجغرافيا السورية بدأت تتأثر بالحرب الدائرة حالياً في لبنان “وسيشمل هذا التأثير مستويات عديدة بشكل مرتبط بعامل الزمن”، ويرجح أن يضطر “حزب الله” إلى سحب كل مقاتليه من سوريا “وقد تطلب الجماعة نقل مقاتلين من الميليشيات السورية التابعة لفيلق القدس إلى جنوب لبنان على وجه الخصوص، إذا بدأ التوغل البري الإسرائيلي على لبنان”.
والأسد يحاول جاهداً أن يكون بمنأى لأن أي دعم وارتباط مع المليشيات سيعرضه للاستهداف لاسيما هناك حشود أمريكية ودولية لهذه الحرب.